(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ) ، أي ، بعدله.
أو بعدالتهم ، وقيامهم على العدل في أمورهم.
أو بإيمانهم ، لأنّه العدل القويم ، كما أنّ الشّرك ظلم عظيم. وهو الأوجه ، لمقابلة قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٤) : فإنّ معناه : ليجزي الّذين كفروا بشراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم. لكنّه غير النّظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب ، والتّنبيه على أنّ المقصود بالذّات من الإبداء والإعادة هو الإثابة ، والعقاب واقع بالعرض. وأنّه ـ تعالى ـ يتولّى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعيّنه ، وأمّا عقاب الكفره فكأنّه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم.
والآية كالتّعليل لقوله : «مرجعكم جميعا». فإنّه لمّا كان المقصود من الإعادة مجازاة الله المكلّفين على أعمالهم ، كان مرجع الجميع إليه لا محالة. ويؤيّده قراءة من قرأ : «أنّه يبدأ» بالفتح ، أي : لأنّه. ويجوز أن يكون منصوبا أو مرفوعا بما نصب «وعد الله» حقّاً».
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) ، أي : ذات ضياء. وهو مصدر ، كقيام. أو جمع ضوء ، كسياط وسوط. والياء فيه منقلبة عن الواو.
وعن ابن كثير (١) برواية قنبل : «ضئاءا» بهمزتين في كلّ القرآن ، على القلب بتقديم اللّام على العين.
(وَالْقَمَرَ نُوراً) ، أي : ذات نور. وسمّي «نورا» للمبالغة. وهو أعمّ من الضّوء ، كما عرفت.
وقيل (٢) : ما بالذّات ضوء (٣) ، وما بالعرض نور.
وقد نبّه ـ سبحانه ـ بذلك على أنّه خلق الشّمس نيّرة بذاتها والقمر نيّرا بعرض ، مقابلة الشّمس والاكتساب منها.
وفي روضة الكافي (٤) : عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس ، عن عليّ بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : فضرب [الله] (٥) مثل
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٤٠.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : منورة.
(٤) الكافي ٨ / ٣٧٩ ، ح ٥٧٤.