(ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ) :
خطاب لهما ولمن على دينهما من أهل مصر.
(إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) : إلّا أشياء باعتبار أسام أطلقتم عليها ، من غير حجّة تدلّ على تحقّق مسمّياتها فيها. فكأنّكم لا تعبدون إلّا الأسماء المجرّدة. والمعنى : أنّكم سمّيتم ما لم يدلّ على استحقاقه الألوهيّة عقل ولا نقل آلهة ، ثمّ أخذتم تعبدونها باعتبار ما تطلقون عليها.
(إِنِ الْحُكْمُ) في أمر العبادة (إِلَّا لِلَّهِ) :
لأنّه المستحقّ لها بالذّات ، من حيث إنّه الواجب لذاته الموجد للكلّ والمالك لأمره.
(أَمَرَ) على لسان نبيّه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) : الّذي دلّت عليه الحجج.
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) : الحقّ ، وأنتم لا تميّزون المعوجّ من القويم.
وهذا من التّدرّج في الدّعوة وإلزام الحجّة. بيّن لهم أوّلا رجحان التّوحيد على اتّخاذ الآلهة ، على طريق الخطابة. ثمّ برهن على أنّ ما يسمّونها آلهة ويعبدونها ، لا تستحقّ الإلهيّة. فإنّ استحقاق العبادة إمّا بالذّات ، وإمّا بالغير ، وكلا القسمين منتف عنها. ثمّ نصّ على ما هو الحقّ القويم والدّين المستقيم الّذي لا يقتضي العقل غيره ، ولا يرتضي العلم دونه.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٤٠) فيخبطون في جهالاتهم.
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما) ، يعني : صاحب الشّراب.
(فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) ، كما كان يسقيه قبل ، ويعود إلى ما كان عليه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : قال له يوسف : تخرج [من السّجن] (٢) وتصير على شراب الملك ، وترتفع منزلتك عنده.
وفي مجمع البيان (٣) : (أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) (الآية). فروي أنّه قال : أمّا العناقيد الثّلاثة (٤) ، فإنّها ثلاثة أيّام تبقى في السّجن. ثمّ يخرجك الملك اليوم الرّابع ، وتعود
__________________
(١) تفسير القميّ ١ / ٣٤٤.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المجمع ٣ / ٢٣٤.
(٤) ذكر الطبرسيّ (ره) قبل ذلك أنّ المعنى : قال أحدهما ـ وهو الساقي ـ : رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس