وارتفاعه إلى السّماء السّابعة ، ويسجد تحت العرش. ثمّ يأتيه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالحلّة من نور الكرسيّ ، فذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً).
(وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) :
الضّمير لكلّ واحد ، أي : قدّر مسير كلّ واحد منهما منازل ، أو قدّره ذا منازل ، أو للقمر.
وتخصيصه بالذّكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشّرع به ، ولذلك علّله بقوله : (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) : حساب الأوقات من الأشهر والأيّام (١) في معاملاتكم وتصرّفاتكم.
(ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ إلّا) : إلا ملتبسا بالحقّ ، مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة.
(يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٥) : فإنّهم المنتفعون بالتّأمّل فيها.
وقرأ (٢) ابن كثير والبصريّان وحفص : «يفصّل» بالياء.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : من أنواع الكائنات.
(لَآياتٍ) : على وجود الصّانع ووحدته وكمال علمه وقدرته.
(لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٦) : العواقب. فإنّه يحملهم على التّدبّر والتّفكر.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) : لا يتوقّعونه ، لإنكارهم بالبعث وذهولهم بالمحسوسات عمّا وراءها.
(وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) : من الآخرة ، لغفلتهم عنها.
(وَاطْمَأَنُّوا بِها) : وسكنوا إليها مقصرين هممهم على لذائذها وزخارفها ، أو سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) (٧) : لا يتفكّرون فيها ، لانهماكهم فيما يضادّها.
والعطف ، إمّا لتغاير الوصفين والتّنبيه على أنّ الوعيد على الجمع بين الذّهول عن الآيات رأسا والانهماك في الشّهوات ، بحيث لا تخطر الآخرة ببالهم أصلا. وإمّا لتغاير
__________________
(١) ب : من الأشهر والأيام والليالي.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٤٠.