وقرأ (١) قالون والبزيّ : «بالسّوّ» على قلب الهمزة واوا ، ثمّ الإدغام.
(إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥٣) : يغفر ميل النّفس ، ويرحم من يشاء بالعصمة. أو : يغفر المستغفر لذنبه ، المعترف على نفسه ، ويرحم من استرحمه ما أستغفره ممّا ارتكبه.
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) : أجعله خالصا لنفسي.
(فَلَمَّا كَلَّمَهُ) ، أي : فلمّا أتوا به ، فكلّمه وشاهد منه الرّشد والذّكاء ، واستدلّ بكلامه على عقله ، وبعفّته على أمانته.
(قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ) : ذو مكانة ومنزلة (أَمِينٌ) (٥٤) مؤتمن على كلّ شيء. نقل (٢) أنّه لمّا خرج من السّجن ، اغتسل وتنظّف ، ولبس ثيابا جددا. فلمّا دخل على الملك قال : «اللهمّ إنّي أسألك من خيره ، وأعوذ بك بعزّتك وقدرتك (٣) من شرّه». ثمّ سلّم عليه ، ودعا له بالعبريّة. فقال : ما هذا اللّسان؟ فقال : لسان آبائي. وكان الملك يعرف سبعين لسانا. فكلّمه بها ، فأجابه بجميعها. فتعجّب منه ، فقال : إنّي أحبّ أن أسمع رؤياي منك. فحكاها ، ونعت له البقرات والسّنابل وأماكنها ، على ما رآها. فأجلسه على السّرير ، وفوّض إليه أمره.
(قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) : ولّني أمرها. والأرض أرض مصر.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : يعني على الكناريج (٥) والأنابير (٦).
(إِنِّي حَفِيظٌ) لها ممّن لا يستحقّها (عَلِيمٌ) (٥٥) بوجوه التّصرّف فيها.
وقيل (٧) : لعلّه (٨) ـ عليه السّلام ـ لمّا رأى أنّه يستعمله في أمره لا محالة ، آثر ما تعمّ فوائده وتجلّ عوائده.
وفي عيون الأخبار (٩) : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ـ رضي الله عنه ـ
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٩٩.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٩٩.
(٣) ليس في أ ، ب ، ر.
(٤) تفسير القميّ ١ / ٣٤٦.
(٥) المصدر : الكناديج. وهو جمع الكندوج شبه مخزن من تراب أو خشب ، توضع فيه الحنطة وغيرها. والكناريج ـ جمع الكرنج كقرطق ـ الحانوت أو متاع حانوت بقّال.
(٦) الأنابير ـ جمع أنبار ـ : بيت التاجر الّذي يجمع فيه المتاع والغلال.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٠.
(٨) أ ، ب : لعل.