وقرأ (١) حمزة والكسّائي وحفص : «لفتيانه» ـ على جمع الكثرة ـ ليوافق قوله : (اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ) :
فإنّه وكّل بكلّ رجل واحدا يعبّئ بضاعتهم الّتي شروا بها الطّعام. وكانت نعالا وأدما. وإنّما فعل ذلك ، توسيعا وتفضّلا عليهم ، وترفّعا من أن يأخذ ثمن الطّعام ، وخوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به.
(فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) : لعلّهم يعرفون حقّ ردّها. أو : لكي يعرفوها ، (إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ) ، وفتحوا أوعيتهم.
(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٦٢) : لعلّ معرفتهم ذلك تدعوهم إلى الرّجوع.
(فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) :
حكم بمنعه بعد هذا الرّجوع ، إن لم نذهب ببنيامين.
(فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ) : فأرسل نرفع المانع من الكيل ، ونكتل ما نحتاج إليه.
وقرأ (٢) حمزة والكسائيّ بالياء ، على إسناده إلى الأخ. أي : يكتل لنفسه ، فينضمّ اكتياله إلى اكتيالنا.
(وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٦٣) من أن يناله مكروه.
(قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ) ، وقد قلتم في يوسف : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
(فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) ، فأتوكّل عليه ، وأفوّض إليه أمري. (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٦٤) ، فأرجو أن يرحمني بحفظه ، ولا يجمع عليّ مصيبتين.
وانتصاب «حفظا» على التّمييز. و «حافظا» ـ على قراءة (٣) حمزة والكسائي وحفص ـ يحتمله والحال ، كقولهم : لله درّه فارسا.
وقرئ (٤) : «خير حافظ» ، و «خير الحافظين».
وفي مجمع البيان (٥) : ورد في الخبر أنّ الله ـ سبحانه ـ قال : فبعزّتي ، لأردّنّهما إليك ،
__________________
(١ و ٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٠١.
(٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) المجمع ٣ / ٢٤٨.