(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) : وأعرض عنهم كراهة لما صادف منهم.
(وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) ، أي : يا أسفى تعال فهذا أوانك.
و «والأسف» أشدّ الحزن والحسرة. و «الألف» بدل من ياء المتكلّم.
وإنّما تأسّف على يوسف دون أخويه والحادث رزؤهما ، لأنّ رزأه كان قاعدة المصيبات وكان غضّا آخذا بمجامع قلبه ، ولأنّه كان واثقا بحياتهما (١) دون حياته.
وفي الحديث النّبويّ (٢) : لم تعطَ أمّة من الأمم (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) عند المصيبة إلّا أمّة محمّد ، ألّا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع ، وقال : يا أسفى.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : سئل أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟
قال : حزن سبعين ثكلى على أولادها.
وقال : إنّ يعقوب لم يعرف الاسترجاع ، فمن هناك قال : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ).
وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.
وبهذا الإسناد (٥) ، عنه ـ عليه السّلام ـ قال : قيل له : كيف يحزن يعقوب على يوسف ، وقد أخبره جبرئيل أنّه لم يمت وأنّه سيرجع إليه؟
فقال له : إنّه نسي ذلك.
(وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) : لكثرة بكائه من الحزن ، كأنّ العبرة محقت سوادهما [يعني عمت من البكاء سوادها] (٦).
وقيل : ضعف بصره.
وقيل : عمي ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) ، يعني : عميت من البكاء.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : يحبّونهما.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٠.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٨٨ ، ح ٥٨.
(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ٥٩.
(٦) ليس في المصدر والمتن.
(٧) تفسير القمّي ١ / ٣٥٠.