وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن أحمد بن محمّد ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ).
قال : كانت المقل ، وكانت بلادهم بلاد المقل ، وهي البضاعة.
(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) : فأتمّ لنا الكيل.
(وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) : بردّ أخينا. أو بالمسامحة وقبول المزجاة ، أو بالزّيادة على ما يساويها.
(إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (٨٨) : أحسن الجزاء.
و «التّصدّق» التّفضّل مطلقا. ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ في القصر : هذه صدقة تصدّق الله عليكم بها.
فرقّ لهم يوسف ، ولم يتمالك أن عرّفهم نفسه.
(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) ، أي : هل علمتم قبحه ، فتبتم عنه؟
وفعلهم بأخيه إفراده عن يوسف وإذلاله ، حتّى كان لا يستطيع أن يكلّمهم إلّا بعجز وذلّة.
(إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) (٨٩) : قبحه ، فلذلك أقدمتم عليه. أو عاقبته.
وإنّما قال ذلك تنصيحا لهم وتحريضا على التّوبة ، وشفقة عليهم لمّا رأى من عجزهم وتمسكنهم ، لا معاتبة وتثريبا.
وقيل (٢) : أعطوه كتاب يعقوب في تخليص بنيامين ، وذكروا له ما هو فيه من الحزن على فقد يوسف وأخيه فقال لهم ذلك.
وإنّما جهّلهم لأنّ فعلهم كان فعل الجهّال ، أو لأنّهم كانوا حينئذ صبيانا طيّاشين.
وفي مجمع البيان (٣) : روي عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : كلّ ذنب عمله العبد ، وإن كان عالما ، فهو جاهل حين خاطر بنفسه معصية ربّه ، فقد حكى الله ـ سبحانه ـ قول يوسف لإخوته : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ). فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.
__________________
أحمر ، وله نواة ضخمة ذات لبّ إسفنجيّ.
(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٢ ، ح ٦٧.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٧.
(٣) نور الثقلين ٢ / ٤٦٠ ، ح ١٧٨.