قال : فلمّا أوتي يوسف بالكتاب فتحه وقرأه فصاح ، ثمّ قام فدخل منزله فقرأه وبكى ، ثمّ غسّل وجهه ، ثمّ خرج إلى إخوته ، ثمّ عاد فقرأه فصاح وبكى ، ثمّ قام فدخل منزله فقرأه وبكى ، ثمّ غسّل وجهه وعاد إلى إخوته ، فقال (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) وأعطاهم قميصه ، وهو قميص إبراهيم ، وكان يعقوب بالرّملة (١).
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) ، أي : ذا بصر.
(وَأْتُونِي) : أنتم وأبي.
(بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٣) بنسائكم وذراريّكم ومواليكم.
وفي أمالي شيخ الطّائفة (٢) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى أبي جعفر ، محمّد بن عليّ الباقر قال : فلمّا كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف ـ عليه السّلام ـ وهو لا يعلم أنّه يوسف :
«بسم الله الرّحمن الرّحيم» من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى عزيز آل فرعون سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله أنّه لا إله إلّا هو : أمّا بعد ، فإنّا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء ، كان جدّي إبراهيم القي في النّار في طاعة ربّك فجعلها الله ـ عزّ وجلّ ـ بردا وسلاما ، وأمر الله جدّي أن يذبح أبي ففداه بما فداه ، وكان لي ابن فكان من أعزّ النّاس عليّ فقدته فأذهب حزني عليه نور بصري ، وكان له أخ من أمّه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فأذهب عنّي بعض وجدي ، وهو محبوس عندك في السّرقة ، فإنّي أشهدك أنّي لم أسرق ولم ألد سارقا.
فلمّا قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي) ـ إلى قوله ـ : (أَجْمَعِينَ).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) : من مصر ، وخرجت من عمرانها.
(قالَ أَبُوهُمْ) : لمن حضره.
(إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) :
قيل (٣) : أوجده الله ريح ما عبق بقميصه من ريحه حين أقبل به إليه يهودا من ثمانين
__________________
(١) قال الحمويّ : الرملة ـ واحدة الرّمل ـ : مدينة عظيمة بفلسطين ، وكانت قصبتها قد خربت الآن ، وكانت رباطا للمسلمين.
(٢) أمالي الطوسي ٢ / ٧١ ـ ٧٢.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٨.