(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) : غاية محذوف دلّ عليه الكلام ، أي : لا يغررهم تمادي أيّامهم ، فإنّ من قبلهم أمهلوا حتّى أيس الرّسل عن النّصر عليهم في الدّنيا.
أو عن إيمانهم ، لانهماكهم في الكفر مترفّهين متمادين فيه من غير وازع.
(وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ، أي : كذّبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنّهم ينصرون.
أو كذّبهم القوم بوعد الإيمان.
وقيل (١) : الضّمير للمرسل إليهم ، أي : وظنّ المرسل إليهم أنّ الرّسل قد كذّبوهم بالدّعوة والوعيد.
وقيل (٢) : الأوّل للمرسل إليهم. والثّاني للرّسل ، أي : وظنّوا أنّ الرّسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النّصر ، وخلط الأمر عليهم.
وفي الجوامع (٣) : أنّ قراءة التّخفيف قراءة أئمّة الهدى ـ عليهم السّلام ـ.
وقرأ (٤) غير الكوفيّين ، بالتّشديد ، أي : وظنّ الرّسل أنّ القوم قد كذّبوهم فيما أوعدوهم.
وقرئ (٥) : «كذبوا» بالتّخفيف وبناء الفاعل ، أي : أنّهم قد كذبوا فيما حدّثوا به عند قومهم لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وكلهم الله إلى أنفسهم ، فظنّوا أنّ الشّياطين قد تمثّلت لهم في صورة الملائكة.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن ابن شعيب (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وكلهم [الله] (٩) إلى أنفسهم أقلّ من طرفة عين.
عن زرارة (١٠) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : كيف لم يخف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيما يأتيه من قبل الله ، أن يكون ذلك ما ينزغ به الشّيطان؟
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) الجوامع / ٢٢٤.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.
(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢٠١ ، ح ١٠٣.
(٨) ب : أبي شعيب.
(٩) من المصدر.
(١٠) نفس المصدر والموضع.