بوجه دون وجه دليل على وجود صانع حكيم دبّر أمرها وهيّأ أسبابها.
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) : بعضها طيّبة ، وبعضها سبخة ، وبعضها رخوة ، وبعضها صلبة ، وبعضها يصلح للزّرع دون الشّجر ، وبعضها بالعكس. ولو لا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك ، لاشتراك تلك القطع في الطّبيعة الأرضيّة وما يلزمها ويعرض لها بتوسّط ما يعرض من الأسباب السّماويّة ، من حيث أنّها متضامّة متشاركة في النّسب والأوضاع.
(وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) : وبساتين فيها أنواع الأشجار والزّروع.
وتوحيد الزّرع ، لأنّه مصدر في أصله.
وقرأ (١) ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص : «وزرع ونخيل» بالرّفع عطفا على «وجنّات».
(صِنْوانٌ) : نخلات أصلها واحد.
(وَغَيْرُ صِنْوانٍ) : ومتفرّقات مختلفة الأصول. أو أمثال وغير أمثال.
وفي الحديث النّبويّ (٢) : عمّ الرّجل صنو أبيه.
وقرأ (٣) حفص ، بالضّمّ ، وهو لغة تميم ، كقنوان في جمع قنو.
(يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) : في الثّمر شكلا وقدرا ورائحة وطعما. وذلك ـ أيضا ـ ممّا يدلّ على الصّانع الحكيم ، فإنّ اختلافها مع اتّحاد الأصول والأسباب لا يكون إلّا بتخصيص قادر مختار.
وقرأ (٤) ابن عامر وعاصم ويعقوب : «يسقى» بالتّذكير على تأويل ما ذكر.
وحمزة والكسائي : «ويفضّل» بالياء ليطابق قوله (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ).
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن الخطّاب الأعور ، رفعه إلى أهل العلم والفقه من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ قال : (فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) ، يعني : هذه الأرض الطّيّبة مجاورة لهذه الأرض المالحة وليست منها ، كما يجاور القوم وليسوا منهم.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.
(٢) المجمع ٣ / ٢٧٦.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.
(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٠٣ ، ح ٤.