(ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٣٠) : من أنّ آلهتهم تشفع لهم. أو ما كانوا يدّعون أنّها آلهة.
[وفي نهج البلاغة (١) : فكيف لو تناهت بكم الأمور وبعثرت القبور (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ ، وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ، وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)] (٢).
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : منهما جميعا ، فإنّ الأرزاق تحصل بأسباب سماويّة وموادّ أرضيّ. أو من كلّ واحد منهما ، توسعة عليكم.
وقيل (٣) «من» لبيان «من» على حذف المضاف ، أي : من أهل السّماء والأرض.
(أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) : أمّن يستطيع خلقهما وتسويتهما. أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتهما وسرعة انفعالهما من أدنى شيء.
(وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) : من يحيي ويميت.
أو من ينشئ الحيوان من النّطفة ، والنّطفة منه.
(وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : ومن يلي تدبير أمر العالم. وهو تعميم بعد تخصيص.
(فَسَيَقُولُونَ اللهُ) : إذ لا يقدرون على المكابرة والعناد في ذلك ، لفرط وضوحه.
(فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٣١) : أنفسكم عقابه ، بإشراككم إيّاه ما لا يشاركه في شيء من ذلك.
(فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ) : المتولّي لهذه الأمور ، المستحقّ للعبادة. هو ربّكم الثّابت ربوبيّته ، لأنّه الّذي أنشأكم وأحياكم ورزقكم ودبّر أموركم.
(فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) : استفهام إنكار ، أي : ليس بعد الحقّ إلّا الضّلال. فمن تخطّى الحقّ الّذي هو عبادة الله ، وقع في الضّلال.
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٣٢)» : عن الحقّ إلى الضّلال.
(كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ)» ، أي : كما حقّت الرّبوبيّة لله. أو أنّ الحقّ بعد الضّلال. أو أنّهم مصروفون عن الحقّ حقّت كلمة الله وحكمه.
وقرأ (٤) نافع وابن عامر : «كلمات» هنا وفي آخر السّورة ، وفي غافر.
__________________
(١) نهج البلاغة / ٣٤٩ ، خطبة ٢٢٦.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في ب.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٤٦.
(٤) المجمع ٣ / ١٠٦.