(فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ، أي : في الوجود والإمكان. فإنّ العامّة لا تعرف ممكنا غيرهما ليس فيهما ولا متعلّقا بهما. وتقديم «الأرض» لأنّ الكلام في حال أهلها.
والمقصود منه : هو البرهان على إحاطة علمه بها.
وفي كتاب التّوحيد (١) : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ. يقول فيه ، وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات : وأمّا قوله : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) كذلك ربّنا لا يعزب عنه شيء. وكيف يكون من خلق الأشياء لا يعلم ما خلق وهو الخلّاق العليم.
(وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦١) : كلام برأسه مقرّر لما قبله.
و «لا» نافية للجنس. و «أصغر» أسمها. و «في كتاب» خبرها.
وقرأ (٢) حمزة ويعقوب ، بالرّفع ، على الابتداء والخبر. ومن عطف على لفظ «مثقال ذرّة» وجعل الفتح بدل الكسر ، لامتناع الصّرف ، أو على محلّه مع الجارّ ، جعل الاستثناء منقطعا.
وقيل (٣) : المراد بالكتاب : اللّوح المحفوظ.
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ) : الّذين يتولّونه بالطّاعة ، ويتولّاهم بالكرامة.
(لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : من لحوق مكروه.
(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٢) : لفوات مأمول.
والآية ، كمجمل فسّره قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٦٣) : بيان لتولّيهم إيّاه.
ومحلّ «الّذين آمنوا» النّصب. أو الرّفع على المدح ، أو على وصف الأولياء ، أو على الابتداء ، وخبره «لهم البشرى».
وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن عبد الرّحمن بن سالم الأشلّ ، عن بعض الفقهاء قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ ـ إلى قوله ـ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
ثمّ قال : أتدرون من أولياء الله؟
__________________
(١) التوحيد / ٢٦٥.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٥٢.
(٣) المجمع ٣ / ١١٩ ، وأنوار التنزيل ١ / ٤٥٢.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٢٤ ، ح ٣٠.