أحدكم حين تبلغ نفسه ها هنا ، ينزل عليه ملك الموت فيقول له : أمّا ما كنت ترجو ، فقد أعطيته. وأمّا ما كنت تخافه ، فقد أمنت منه. ويفتح له باب إلى منزله من الجنّة ، ويقال له : انظر إلى مسكنك من الجنّة ، وانظر هذا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ والحسن والحسين ـ عليهم السّلام ـ رفقاؤك. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ).
عن أبي حمزة الثّماليّ (١) قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : ما يصنع بأحد عند الموت؟
قال : أما والله ، يا أبا حمزة ، ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منّا إلّا أن تبلغ نفسه ها هنا ـ ثمّ أهوى بيده إلى نحره. ألا أبشرك ، يا أبا حمزة؟
فقلت : بلى ، جعلت فداك.
فقال : إذا كان ذلك ، أتاه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ـ عليه السّلام ـ معه قعد عند رأسه.
فقال له إذا كان ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما تعرفني؟ أنا رسول الله. هلّم إلينا ، فما أمامك خير لك ممّا خلّفت. أمّا ما كنت تخاف ، فقد أمنته. وأمّا ما كنت ترجو ، فقد هجمت عليه. أيّتها الرّوح ، اخرجي إلى روح الله ورضوانه.
فيقول له عليّ ـ عليه السّلام ـ مثل قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ثمّ قال : يا أبا حمزة ، ألا أخبرك بذلك في كتاب الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (الآية).
(لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) : لا تغيير لأقواله ، ولا إخلاف لمواعيده.
(ذلِكَ) : إشارة إلى كونهم مبشّرين في الدّارين.
(هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٤).
هذه الجملة والّتي قبلها اعتراض لتحقيق المبشّر به وتعظيم شأنه. وليس من شرطه أن يقع بعده كلام يتصل بما قبله.
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) : إشراكهم وتكذيبهم وتهديدهم.
وقرأ (٢) نافع : «يحزنك» من أحزنه. وكلاهما بمعنى.
__________________
(٩) تفسير العياشي ٢ / ١٢٤ ، ح ٣٢.
(١) تفسير العياشي ٢ / ١٢٦ ، ح ٣٤.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٥٢.