ووكيع بن الجرّاح ، وإسماعيل السّدي (١) ، وسفيان الثّوريّ أنّه قال الحارث : سألت أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية. قال : والله ، إنّا لنحن أهل الذّكر ، نحن أهل العلم ، نحن معدن التّأويل والتّنزيل (٢).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) (١٠) : في فرقهم. جمع ، شيعة ، وهي الفرقة المتّفقة على طريقة ومذهب. من شاعه [: إذا تبعه] (٣).
وأصل «الشّياع» الحطب الصّغار توقد به الكبار.
والمعنى : نبّأنا رجالا منهم ، وجعلناهم رسلا فيما بينهم.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) : حكاية حال ماضية.
(إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (١١) ، كما يفعل هؤلاء. وهو تسلية للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
و «ما» للحال ، لا يدخل إلّا مضارعا بمعناه (٤) ، أو ماضيا قريبا منه.
(كَذلِكَ نَسْلُكُهُ) : ندخله (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) (١٢).
«السّلك» إدخال الشّيء في الشّيء ، كالخيط في المخيط ، والرّمح في المطعون.
والضّمير ، قيل (٥) : للاستهزاء. وفيه دليل على أنّه ـ تعالى ـ يوجد الباطل في قلوبهم.
وقيل (٦) : للذّكر ، فإنّ الضّمير الآخر في قوله : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) : له.
وهو حال من هذا الضّمير. والمعنى : مثل ذلك السّلك نسلك الذّكر في قلوب المجرمين مكذّبا غير مؤمن به.
أو بيان للجملة المتضمّنة له.
وضعف القائل الأوّل هذا الاحتجاج ، بأنّه لا يلزمه من تعاقب الضّمائر توافقها في المرجوع إليه ، ولا يتعيّن أن تكون الجملة حالا من الضّمير لجواز أن تكون حالا من «المجرمين» (٧) ، ولا ينافي كونها مفسّرة للمعنى الأوّل بل يقوّيه.
__________________
(١) كذا في جامع الرواة ٢ / ٤٤٦. وفي النسخ : السرىّ.
(٢) ليس في ب.
(٣) ليس في ب.
(٤) بمعناه ، أي : بمعنى الحال.
(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٨.
(٧) الأولى أن يقال : يجوز أن يكون حالا من قلوب المجرمين إذ هو مفعول به بواسطة.