وفيه : أنّ ذلك القائل جعل ذلك مؤيّدا لا احتجاجا ولا شبهة في تأييده ، وعلى تقدير تسليم رجع الضّمير إلى الاستهزاء لا دلالة فيه على أنّه ـ تعالى ـ يوجد الباطل في قلوبهم ، كيف والإدخال أعمّ ولا يستلزم الإيجاد.
(وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) (١٣) ، أي : سنّة الله فيهم ، بأن خذلهم وسلك الكفر في قلوبهم. أو بإهلاك من كذّب الرّسل ، فيكون وعيدا لأهل مكّة.
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ) : على هؤلاء المقترحين.
(فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) (١٤) : يصعدون إليها ويرون عجائبها طول نهارهم ، مستوضحين لما يرون. أو تصعد الملائكة ، وهم يشاهدونهم (١).
(لَقالُوا) : من غلوّهم في العناد ، وتشكيكهم في الحقّ.
(إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) : سدّت عن الإبصار بالسّحر ، من السّكر. أو حيرت من السّكر.
وقرأ (٢) ابن كثير بالتخّفيف.
(بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) (١٥) : قد سحرنا محمّد بذلك ، كما قالوه عند ظهور غيره من الآيات.
وفي كلمتي الحصر والإضراب ، دلالة على البتّ بأنّ ما يرونه لا حقيقة له ، بل هو باطل خيّل إليهم بنوع من السّحر.
(وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً) : اثني عشر ، مختلفة الهيئات والخواصّ على ما دلّ عليه الرّصد والتّجربة مع بساطة السّماء (٣).
وفي مجمع البيان (٤) : هي اثنا عشر برجا.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : «البروج» الكواكب. والبروج الّتي للرّبيع والصّيف : الحمل والثّور والجوزاء والسّرطان والأسد والسّنبلة. وبروج الخريف والشّتاء : الميزان والعقرب والقوس والجدي والدّلو والحوت ،
__________________
(١) ب : يشاهدونها.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٩.
(٣) أراد أنّ حصول البروج المختلفة في الخواصّ مع الحادها في الحقيقة لبساطة السّماء ، دالّ على الصانع القدير.
(٤) المجمع ٣ / ٣٣١.
(٥) تفسير القمّي ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.