فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : بئس لعمري الشّابّ المؤمل والكهل المؤمر.
فقال : دع عنك هذا ، يا محمّد ، فقد جرت توبتي على يد نوح ، ولقد كنت معه في السّفينة فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد كنت مع إبراهيم حين القي في النّار فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ولقد كنت مع موسى حين أغرق (١) الله فرعون ونجّى بني إسرائيل ، ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته ، ولقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد قرأت الكتب فكلّها تبشّرني بك ، والأنبياء يقرءونك السّلام ، ويقولون : أنت أفضل الأنبياء وأكرمهم ، فعلّمني ممّا أنزل الله عليك شيئا.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : علّمه.
فقال هام : يا محمّد ، إنّا لا نطيع إلّا نبيّا أو وصيّ نبيّ ، فمن هذا؟
قال : أخي ووصيّي ووزيري ووارثي ، عليّ بن أبي طالب.
قال : نعم ، نجد اسمه في الكتب إليا.
فعلّمه أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. فلمّا كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) : واذكر وقت قوله (لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢٨) ، (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) : عدّلت خلقته ، وهيّأته لنفخ الرّوح فيه.
(وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) : حتّى جرى آثاره في تجاويف أعضائه فحيي.
وأصل «النّفخ» إجراء الرّيح في تجويف جسم آخر. ولمّا كان الرّوح يتعلّق أوّلا بالبخار اللّطيف المنبعث من القلب ، وتفيض عليه القوّة الحيوانيّة فيسرى حاملا لها في تجاويف الشّرايين إلى أعماق البدن ، جعل تعليقه بالبدن نفخا. فهو تمثيل لما يحصل به الحياة ، وذلك لأنّ الرّوح ليس من عالم الحسّ والشّهادة ، وإنّما هو من عالم الملكوت والغيب ، والبدن بمنزلة قشر وغلاف وقالب له ، وإنّما حياته به وهو الخلق الآخر المشار إليه بقوله ـ سبحانه ـ : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) لا يشبه هذا الخلق.
وإضافة الرّوح إلى نفسه قد مرّ وجهها (٢).
(فَقَعُوا لَهُ) : فاسقطوا له (ساجِدِينَ) (٢٩). أمر ، من وقع ، يقع.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : غرّق.
(٢) أي : في سورة النّساء.