استجب لي ، وأفعل بي كذا وكذا.
(قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) قيل (١) : «الباء» للقسم ، و «ما» مصدريّة وجوابه (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ).
والمعنى : أقسم بإغوائك إيّاي ، وهو تكليفي بما يوقعني في الغواية ، لأزيّننّ لهم المعاصي في الدّنيا الّتي هي دار الغرور.
وقيل (٢) : للسّببيّة.
(وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٣٩) : ولأحملنّهم أجمعين على الغواية.
وفي نهج البلاغة (٣) : قال ـ عليه السّلام ـ : لعمري ، لقد فوّق لكم (٤) سهم الوعيد ، وأغرق (٥) إليكم (٦) بالنّزع الشّديد ، ورماكم من مكان قريب فقال : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قذفا بغيب بعيد ورجما بظنّ [غير] (٧) مصيب ، صدّقه به أبناء الحميّة وإخوان العصبيّة وفرسان الكبر والجاهليّة.
(إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠) : أخلصتهم لطاعتك وطهّرتهم من الشّوائب ، فلا يعمل فيهم كيدي.
وقرأ (٨) ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ، بالكسر ، في كلّ القرآن ، أي : الّذين أخلصوا نفوسهم لله.
وفي كتاب معاني الأخبار (٩) : حدّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه قال : جاء جبرئيل إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا جبرئيل ، ما تفسير الإخلاص؟
قال (١٠) : المخلص الّذي لا يسأل النّاس شيئا حتّى يجد ، وإذا وجد رضي ، وإذا بقي عنده شيء أعطاه [في الله] (١١) فإنّ [من] (١٢) لم يسأل المخلوق [فقد] (١٣) أقرّ الله ـ عزّ وجلّ ـ
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٢.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٢.
(٣) نهج البلاغة / ٢٨٧ ، الخطبة ١٩٢.
(٤) ب : عليكم.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أفوق.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : لكم.
(٧) من المصدر.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٢.
(٩) المعاني / ٢٦١ ، ح ١.
(١٠) ب : زيادة «الإخلاص».
(١١ و ١٢ و ١٣) من المصدر.