(فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) وقوله : (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ).
(وَمِنْهُ شَجَرٌ) : ومنه يكون شجر.
قيل (١) : يعني : الشّجر الّذي ترعاه المواشي.
وقيل (٢) : كلّ ما ينبت على الأرض شجر. قال :
نعلفها اللّحم إذا عزّ الشّجر |
|
والخيل في إطعامها اللّحم ضرر |
(فِيهِ تُسِيمُونَ) (١٠) : ترعون. من سامت الماشية ، وأسامها صاحبها.
وأصلها : السّومة ، وهي العلامة. لأنّها تؤثر بالرّعي علامات.
(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ) وقرأ (٣) أبو بكر ، بالنّون ، على التّفخيم.
(وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) : وبعض كلّها ، إذ لم ينبت في الأرض كلّ ما يمكن من الثّمرات.
قيل (٤) : ولعلّ تقديم ما يسام فيه على ما يؤكل منه ، لأنّه سيصير غذاء حيوانيّا هو أشرف الأغذية. ومن هذا تقديم الزّرع ، والتّصريح بالأجناس الثّلاثة ، وترتيبها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١١) : على وجود الصّانع وحكمته. فإنّ من تأمّل أنّ الحبّة تقع في الأرض ، وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشقّ أعلاها ويخرج منها ساق الشّجر ، وينشقّ أسفلها فيخرج منها عروقها ، ثمّ تنمو ويخرج منها الأوراق والأزهار والأكمام والثّمار ، ويشتمل كلّ منها على الأجسام المختلفة الأشكال والطّبائع (٥) مع اتّحاد الموادّ ونسبة الطّبائع السّفليّة والتّأثيرات الفلكيّة إلى الكلّ ، علم أنّ ذلك ليس إلّا بفعل فاعل مختار مقدّس عن منازعة الأضداد والأنداد.
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ) : بأن هيّأها لمنافعكم.
(مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) : حال من الجميع ، أي : نفعكم بها كونها مسخّرات لله خلقها لله ودبّرها كيف شاء. أو لما خلقن له بإيجاده وتقديره ، أو لحكمه. وفيه إيذان بالجواب عمّا عسى أن يقال : إنّ المؤثّر في تكوين النّبات حركات الكواكب وأوضاعها ،
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٠.
(٣ و ٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) المصدر : أجسام مختلفة الأشكال والطباع.