(لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) : لمّا نفى المشاركة بين من يخلق وبين من لا يخلق ، بيّن أنّهم لا يخلقون شيئا ، ليتّضح أنّهم لا يشاركونه. ثمّ أكّد ذلك بأن أثبت لهم صفات تنافي الألوهيّة ، فقال : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٢٠) : لأنّهم ذوات ممكنة ، مفتقرة الوجود إلى التّخليق. والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود.
(أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) : أموات لا تعتريهم الحياة. أو أموات حالا أو مآلا غير أحياء بالذّات ، ليتناول كلّ معبود. والإله ينبغي أن يكون حيّا بالذّات لا يعتريه الممات.
(وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١) : ولا يعلمون وقت بعثهم أو بعث عبدتهم ، فكيف يكون لهم وقت جزاء على عبادتهم. والإله ينبغي أن يكون عالما بالغيوب ، مقدّر للثّواب والعقاب.
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) : تكرير للمدّعي بعد إقامة الحجّة.
(فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢) : بيان لما اقتضى إصرارهم بعد وضوح الحقّ ، وذلك عدم إيمانهم بالآخرة. فإنّ المؤمن بها يكون طالبا للدّلائل متأمّلا فيما يسمع فينتفع به ، والكافر بها يكون حاله بالعكس. وإنكار قلوبهم ما لا يعرف إلّا بالبرهان اتّباعا للأسلاف وركونا إلى المألوف ، فإنّه ينافي النّظر والاستكبار عن اتّباع الرّسول وتصديقه والالتفات إلى قوله. والأوّل هو العمدة في الباب ، فلذلك رتّب عليه ثبوت الآخرين.
(لا جَرَمَ) : حقّا.
(أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) : فيجازيهم. وهو في موضع الرّفع «بجرم». لأنّه مصدر ، أو فعل.
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣) : فضلا عن الّذين استكبروا عن توحيده واتّباع رسوله.
وفي تفسير العيّاشي (١) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن هذه الآية.
قال : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الأوّل والثّاني والثّالث ، كذّبوا رسول الله بقوله : والوا عليّا واتّبعوه. فعادوا عليّا ولم يوالوه ، ودعوا النّاس إلى ولاية أنفسهم. فذلك
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، ح ١٤.