ما بعث الله نبيّا قطّ إلّا بولايتنا والبراءة من عدوّنا. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا) (الآية) إلى قوله : (عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) ، يعني بتكذيبهم آل محمّد ـ صلوات الله عليهم ـ.
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) : يا معشر قريش.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) [أي : انظروا] (٢) في أخبار من هلك قبله.
(فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (٣٦) : من عاد وثمود وغيرهم. لعلّكم تعتبرون.
(إِنْ تَحْرِصْ) : يا محمّد.
(عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) : من يخذله ، وهو المعنيّ : بمن (حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ).
(وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣٧) : من ينصرهم ويدفع العذاب عنهم.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) : عطف على (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) إيذانا بأنّهم ، كما أنكروا التّوحيد أنكروا البعث ، مقسمين عليه زيادة في البتّ على فساده. ولقد ردّ الله عليهم أبلغ ردّ فقال : «بلى» : يبعثهم.
(وَعْداً) : مصدر مؤكّد لنفسه ، وهو ما دلّ عليه «بلى». فإنّ «يبعث» موعد من الله.
(عَلَيْهِ) : إنجازه لامتناع الخلف في وعده أو لأنّ البعث مقتضي حكمته.
(حَقًّا) : صفة أخرى للوعد.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٨) : أنّهم يبعثون. إمّا لعدم علمهم بأنّهم من مواجب الحكمة الّتي جرت عادته بمراعاتها ، وإمّا لقصور نظرهم بالمألوف فيتوهّمون امتناعه.
ثمّ أنّه ـ تعالى ـ بيّن الأمرين ، فقال : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ) ، أي : يبعثهم ليبيّن لهم.
(الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) : وهو الحقّ.
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) (٣٩) : فيما كانوا يزعمون. وهو إشارة إلى السّبب الدّاعي إلى البعث المقتضي له من حيث الحكمة ، وهو التّميز بين الحقّ
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٨٥.
(٢) من المصدر.