(عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) ، أي : عن أيمانها وعن شمائلها ، أي : عن جانبي كلّ واحد منها. استعارة من يمين الإنسان وشماله.
ولعلّ توحيد «اليمين» وجمع «الشّمائل» باعتبار اللّفظ والمعنى ، كتوحيد الضّمير في «ظلاله» وجمعه في قوله : (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) (٤٨). وهما حالان من الضّمير في «ظلاله».
والمراد من السّجود ، الاستسلام ، سواء كان بالطّبع أو الاختيار. يقال : سجدت النّخلة : إذا مالت ، لكثرة الحمل. وسجد البعير : إذا طأطأ رأسه ، ليركب.
أو و «سجّدا» حال من «الظّلال» ، «وهم داخرون» حال من الضّمير ، والمعنى : يرجع الظّلال ، بارتفاع الشّمس وانحدارها باختلاف مشارقها ومغاربها ، بتقدير الله ـ تعالى ـ من جانب إلى جانب منقادة لما قدّر لها من التّفيّؤ. أو واقعة على الأرض ملتصقة بها على هيئة السّاجد. والأجرام في أنفسها ـ أيضا ـ داخرة ، أي : صاغرة منقادة لأفعال الله ـ تعالى ـ فيها.
وجمع «داخرون» بالواو ، لأنّ من جملتها من يعقل ، أو (١) لأنّ الدّخور من أوصاف العقلاء.
وقيل (٢) : المراد باليمين والشّمائل : يمين الفلك ، وهو جانبه الشّرقي ، لأنّ الكواكب تظهر منه آخذة في الارتفاع والسّطوع. و [شماله ، وهو] (٣) الجانب الغربي المقابل له [من الأرض] (٤). فإنّ الظّلال في أوّل النّهار تبتدئ من المشرق واقعة على الرّبع الغربي ، وعند الزّوال تبتدئ من المغرب واقعة على الرّبع الشّرقي من الأرض.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : قال : تحويل كلّ ظلّ خلقه الله فهو سجود لله. لأنّه ليس شيء إلّا له ظلّ يتحرّك يتحريكه ، وتحويله (٦) سجوده.
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، أي : ينقاد انقيادا. يعمّ الانقياد لإرادته وتأثيره طبعا ، والانقياد لتكليفه وأمره طوعا. ليصحّ إسناده إلى عامّة أهل السّماوات والأرض. وقوله : (مِنْ دابَّةٍ) : بيان لهما. لأنّ الدّبيب : هو الحركة
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٧.
(٣ و ٤) من المصدر.
(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٨٦.
(٦) المصدر : تحريكه.