وإنّما سمّي ما تبنيه لتتعسّل فيه : بيتا ، تشبيها ببناء الإنسان ، لما فيه من حسن الصّنعة وصحّة القسمة الّتي لا يقوى عليها حذّاق المهندسين إلّا بآلات (١) وأنظار دقيقة : ولعلّ ذكره ، للتّنبيه على ذلك.
وقرأ (٢) عاصم : «بيوتا» بكسر الباء.
وقرأ أبو بكر وابن عامر : «يعرشون» بضمّ الرّاء.
(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) : تشتهينها ، مرّها وحلوها.
(فَاسْلُكِي) : ما أكلت.
(سُبُلَ رَبِّكِ) : في مسالكه الّتي يحيل (٣) فيها بقدرته النّور المرّ عسلا من أجوافك.
أو فاسلكي الطّرق الّتي ألهمك في عمل العسل.
أو فاسلكي راجعة إلى بيوتك (٤) سبل ربّك ، لا تتوعّر عليك ولا تلتبس.
(ذُلُلاً) : جمع ، ذلول. وهي حال من السّبل ، أي : مذلّلة ، ذلّلها الله وسهّلها لك. أو من الضّمير في «فاسلكي» ، أي : وأنت ذلل منقادة لما أمرت به.
(يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها) : عدل به عن خطاب النّحل إلى خطاب النّاس. لأنّه محلّ الإنعام عليهم ، والمقصود من خلق النّحل وإلهامه لأجلهم.
(شَرابٌ) ، يعني : العسل ، لأنّه ممّا يشرب.
(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) : أبيض وأصفر وأحمر وأسود ، لسبب اختلاف سنّ النّحل والفصل.
(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) : إمّا بنفسه ، كما في الأمراض البلغميّة. أو مع غيره ، كما في سائر الأمراض ، إذ قلّما يكون معجون إلّا والعسل جزء منه ، مع أنّ التّنكير فيه مشعر بالتّبعيض ويجوز وقيل (٥) : الضّمير للقرآن ، أو لما بيّن الله من أحوال النّحل.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : وحدّثني أبي ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن رجل ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ).
__________________
(١) ب ، أ : بالآيات.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٢.
(٣) ب : يجعل.
(٤) أ ، ب : بيوتات.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٢.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٨٧.