وبروح الشّهوة أصابوا لذيذ الطّعام ، ونكحوا الحلال من شباب النّساء. وبروح البدن دبّوا ودرجوا.
وقال ـ عليه السّلام ـ متّصلا بقوله : «وروح البدن» : فلا يزال العبد يستكمل الأرواح الأربعة حتّى تأتي عليه حالات.
فقال الرّجل : يا أمير المؤمنين ، ما هذه الحالات؟
فقال : أمّا أوّلهنّ (١) فهو ، كما قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً). فهذا ينتقض منه جميع الأرواح ، وليس بالّذي يخرج من دين الله. لأنّ الفاعل به ردّه إلى أرذل عمره ، فهو لا يعرف للصّلاة وقتا ولا يستطيع التّهجّد باللّيل ولا بالنّهار ولا القيام في الصّفّ مع النّاس. فهذا نقصان من روح الإيمان ، وليس يضرّه شيئا.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : قال : إذا كبر ، لا يعلم ما علمه قبل ذلك.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) : بمقادير أعمارهم.
(قَدِيرٌ) (٧٠) : يميت الشّابّ النّشيط ، ويبقى الهمّ (٣) الفاني.
وفيه تنبيه على أنّ تفاوت آجال النّاس ليس إلّا بتقدير قادر حكيم رتّب أبنيتهم وعدّل أمزجتهم على قدر معلوم. ولو كان ذلك مقتضى الطّباع ، لم يبلغ التّفاوت هذا المبلغ.
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) : فمنكم غنيّ ، ومنكم فقير ، ومنكم موالي يتولّون رزقهم ورزق غيرهم ، ومنكم مماليك حالهم على خلاف ذلك.
(فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) : بمعطي رزقهم.
(عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : على مماليكهم. فإنّما يردّون عليهم رزقهم ، الّذي جعله الله في أيديهم.
(فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) : فالموالي والمماليك سواء في أنّ الله رزقهم.
فالجملة لازمة للجملة المنفيّة ، أو مقررة لها. ويجوز أن يكون واقعة موقع الجواب ، كأنّه قيل : فما الّذين فضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فيستووا في الرّزق. على
__________________
(١) المصدر : أولا هنّ.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٨٧.
(٣) الهمّ : الشيخ الكبير.