(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) : فساد ما تعوّلون عليه من القياس ، على أنّ عبادة عبيد الملك أدخل في التّعظيم من عبادته وعظم جرمكم فيما تفعلون.
(وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٧٤) : ذلك. ولو علمتموه ، لما جرأتم عليه. فهو تعليل للنّهي. أو أنّه يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمونه ، فدعوا رأيكم دون نصّه.
ويجوز أن يراد : فلا تضربوا لله الأمثال ، فإنّه يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون. ثمّ علّمهم كيف يضرب ، فضرب مثلا لنفسه ولمن دونه فقال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ) : مثّل ما يشرك به المملوك العاجز عن التّصرّف رأسا ، ومثّل نفسه بالحرّ المالك الّذي رزقه الله مالا كثيرا فهو يتصرّف فيه كيف يشاء. واحتجّ بامتناع الاشتراك والتّسوية بينهما ، مع تشاركهما في الجنسيّة والمخلوقيّة ، على امتناع التّسوية بين الأصنام الّتي هي أعجز المخلوقات وبين الله الغنيّ القادر على الإطلاق.
وقيل (١) : هو تمثيل للكافر المخذول والمؤمن الموفّق. وتقييد العبد بالمملوكية للتّمييز عن الحرّ ، فإنّه ـ أيضا ـ عبد الله. وبسلب القدرة للتّمييز عن المكاتب والمأذون وجعله قسيما للمالك المتصرّف. يدل على أنّ المملوك لا يملك.
قيل : والأظهر أنّ «من» نكرة موصوفة ليطابق «عبدا». وجمع الضّمير في «يستوون» ، لأنّه للجنسين. فإنّ المعنى : هل يستوي الأحرار والعبيد.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : كلّ الحمد لله لا يستحقّه غيره فضلا عن العبادة ، لأنّه مولى النّعم كلّها.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٧٥) : فيضيفون نعمه إلى غيره ، ويعبدونه لأجلها.
وفي الكافيّ (٢) : محمّد عن أحمد عن ابن فضّال (٣) ، عن مفضّل بن صالح ، عن ليث المراديّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن العبد : هل يجوز طلاقه؟
فقال : إن كان أمتك ، فلا. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ). وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرّة ، جاز طلاقه.
__________________
٣ / ١٤٦.
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.
(٢) الكافي ٦ / ١٦٨ ، ح ٢.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : محمد بن أحمد بن فضّال.