قال هشام : فقلت له : فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح؟
قال : نعم.
قلت : لا بدّ من القلب ، وإلّا لم تستيقن الجوارح؟
قال : نعم.
فقلت : يا أبا مروان ، فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحّح لها الصّحيح ويتيقّن به ما شكلت فيه. ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم ذلك إماما لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك؟
قال : فسكت ولم يقل شيئا.
ثمّ التفت إليّ ، وقال لي : أنت هشام بن الحكم؟
فقلت : لا.
فقال : أمن جلسائه؟
قلت : لا.
قال : فمن أين أنت؟
قلت : من أهل الكوفة.
قال : فأنت إذا هو.
ثمّ ضمّني إليه وأقعدني في مجلسه ، وزال عن مجلسه وما نطق حتّى قمت.
قال : فضحك أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ وقال : يا هشام ، من علّمك هذا؟
قلت : شيء أخذته منك وألّفته.
فقال : هذا [والله] (١) مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : يختصّ به علمه لا يعلمه غيره ، وهو ما غاب فيهما عن العباد ، بأن لم يكن محسوسا ولم يدلّ عليه محسوس.
وقيل (٢) : يوم القيامة : فإنّ علمه غائب عن أهل السّماوات والأرض.
(وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) : وما أمر قيام القيامة في سرعته وسهولته.
(إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) ، كرجع الطّرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.