(أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) : أو أمرها أقرب منه ، بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة بل في الآن الّذي يبتدئ فيه. فإنّه ـ تعالى ـ يحيي الخلائق دفعة. وما يوجد دفعة ، كان في آن.
و «أو» للتّخيير. أو بمعنى : بل.
وقيل (١) : معناه : أنّ قيام السّاعة وإن تراخى ، فهو عند الله ، كالشّيء الّذي تقولون فيه : كلمح البصر أو هو أقرب ، مبالغة في استقرابه.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧) : فيقدر أن يحيي الخلائق دفعة ، كما قدر أن أحياهم متدرّجا. ثمّ دلّ على قدرته بقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) وقرأ (٢) الكسائيّ ، بكسر الهمزة ، على أنّه لغة أو اتّباع لما قبلها. وحمزة ، بكسرها وكسر الميم ، والهاء مزيدة ، مثلها في إهراق.
(لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) : جهّالا ، مستصحبين جهل الجماديّة.
(وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) : أداة تتعلّمون بها ، فتحسّون بمشاعركم جزئيات الأشياء فتدركونها. ثمّ تتنّبهون بقلوبكم لمشاركات ومباينات بينها بتكرير الإحساس ، حتّى تتحصّل لكم العلوم البديهيّة وتتمكّنوا من تحصيل المعالم الكسبيّة بالنّظر فيها.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٨) : كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور ، فتشكروه.
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) قراءة (٣) ابن عامر وحمزة ويعقوب ، بالتّاء. على أنّه خطاب للعامّة.
(مُسَخَّراتٍ) : مذلّلات للطّيران ، بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المؤاتية له.
(فِي جَوِّ السَّماءِ) : في الهواء المتباعد من الأرض.
(ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) : فإنّ ثقل جسدها يقتضي سقوطا ، ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) : تسخير الطّير (٤) للطّيران. بأن خلقها خلقة يتمكّن معها
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.
(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٥.
(٤) ب : الطيران.