والمتوكّلين. فإنّهم لا يطيعون أوامره ولا يقبلون وساوسه ، إلّا فيما يحتقرون على ندور وغفلة. ولذلك أمروا بالاستعاذة ، لئلّا يتوهّم منه أنّ له سلطانا.
(إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) : يحبّونه ويطيعونه.
(وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠) : بالله ، أو بسبب الشّيطان.
وفي الكافي (١) : عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس (٢) ، [عن الحسن بن عبد الرّحمن] (٣) ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
فقال : يا أبا محمّد ، يسلّط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلّط على دينه. [وقد سلّط على أيّوب فشوّه خلقه ، ولم يسلّط على دينه.] (٤) وقد يسلّط من المؤمنين على أبدانهم ، ولا يسلّط على دينهم.
قلت : قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ).
قال : (الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) يسلّط على أبدانهم وعلى أديانهم.
وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن حمّاد بن عيسى ، رفعه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ).
قال : ليس له أن يزيلهم عن الولاية. فأمّا الذّنوب وأشباه ذلك ، فإنّه ينال منهم ، كما ينال من غيرهم.
(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) : بالنّسخ ، فجعلنا الآية النّاسخة مكان المنسوخة لفظا أو حكما.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) : من المصالح. فلعلّ ما يكون مصلحة في وقت يصير مفسدة بعده ، فينسخه. وما لا يكون مصلحة حينئذ يكون مصلحة الآن ، فيثبته مكانه.
وقرأ (٦) ابن كثير وأبو عمرو : «ينزل» بالتّخفيف.
__________________
(١) الكافي ٨ / ٢٨٨ ، ح ٤٣٣.
(٢) المصدر : الحسن.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) ليس في أ ، ر.
(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٧٠ ، ح ٦٩.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٠.