(لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (١٠٣) : ذو بيان وفصاحة.
والجملتان مستأنفتان ، لابطال طعنهم. وتقريره يحتمل وجهين : أحدهما ، أنّ ما سمعه منه كلام أعجميّ ، لا يفهمه هو ولا أنتم. والقرآن عربيّ تفهمونه بأدنى تأمّل ، فكيف يكون تلقّفه منه.
وثانيهما ، هب أنّه تعلّم منه المعنى باستماع كلامه ، ولكن لم يتلقّف منه اللّفظ. لأنّ ذلك أعجميّ وهذا عربيّ. والقرآن ، كما هو معجز باعتبار المعنى ، فهو معجز باعتبار اللّفظ. مع أنّ العلوم الكثيرة الّتي في القرآن ، لا يمكن تعلّمها إلّا بملازمة معلّم فائق في تلك العلوم مدّة متطاولة. فكيف تعلّم جميع ذلك من غلام سوقيّ ، سمع منه بعض المنقولات ، مرتّبا على كلمات أعجميّة لعلّه لا يعرف معناها؟! وطعنهم بالقرآن بأمثال هذه الكلمات الرّكيكة ، دليل على غاية عجزهم.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) : لا يصدّقون أنّها من عند الله.
(لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) : إلى الحقّ.
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٠٤) : في الآخرة. هدّدهم على كفرهم بالقرآن بعد ما أماط شبهتهم وردّ طعنهم فيه ، ثمّ قلب الأمر عليهم فقال : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) : لأنّهم لا يخافون عقابا يردعهم عنه.
(وَأُولئِكَ) : إشارة إلى الّذين كفروا ، أو إلى قريش.
(هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٠٥) ، أي : الكاذبون على الحقيقة.
أو الكاملون في الكذب ، [لأنّ تكذيب آيات الله والطّعن فيها بهذه الخرافات أعظم الكذب.] (١).
أو الّذين عادتهم الكذب ، لا يصرفهم عنه دين ولا مروءة.
أو الكاذبون في قولهم : (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) (٢).
(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) : بدل من (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ، وما بينهما اعتراض. أو من «أولئك». أو من «الكاذبون». أو مبتدأ خبره محذوف ، دلّ عليه قوله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ).
ويجوز أن ينتصب بالذمّ ، وأن تكون «من» شرطيّة محذوفة الجواب ، دلّ عليه
__________________
(١) ليس في أ ، ب ، ر.
(٢) النحل / ١٠٣.