أمره ، فبدأ بنفسه وقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١). ثمّ ثنّى برسوله فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، يعني : بالقرآن.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : حدّثنا أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : والله ، نحن السّبيل الّذي أمركم الله باتّباعه.
قوله (٣) : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). قال : بالقرآن.
وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسيّ ـ رضي الله عنه ـ : قال أبو محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ : ذكر عند الصّادق ـ عليه السّلام ـ الجدال في الدّين ، وأنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والأئمّة ـ عليهم السّلام ـ قد نهوا عنه.
فقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : لم ينه عنه مطلقا. ولكنّه نهي عن الجدال بغير الّتي هي أحسن. أما تسمعون قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٥) وقوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). فالجدال بالّتي هي أحسن قد قرنه (٦) العلماء بالدّين ، والجدال بغير الّتي هي أحسن محرّم قد (٧) حرّمه الله على شيعتنا. وكيف يحرّم (٨) الله الجدال جملة وهو يقول : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (٩). قال الله : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٠). فجعل [الله] (١١) علم (١٢) الصّدق والإيمان (١٣) بالبرهان. وهل يؤتى ببرهان ، إلّا بالجدال بالّتي هي أحسن.
قيل : يا ابن رسول الله ، فما الجدال بالّتي هي أحسن بالّتي ليست بأحسن؟
قال : أمّا الجدال بغير الّتي هي أحسن ، فأن تجادل مبطلا ، فيورد عليك باطلا ،
__________________
(١) يونس / ٢٥.
(٢) تفسير القمّي ٢ / ٦٦ ، ببعض التصرّف.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٩٢.
(٤) الاحتجاج ١ / ١٤ ـ ١٥.
(٥) العنكبوت / ٤٦.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : أمر به.
(٧) ليس في المصدر.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : حرّم.
(٩ و ١٠) البقرة / ١١١.
(١١) من المصدر.
(١٢) ب : علامة.
(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : الأمانة.