فلا تردّه بحجّة قد نصبها الله ـ تعالى ـ. ولكن [تحجد قوله أو] (١) تجحد (٢) حقّا يريد (٣) بذلك المبطل أن يعين به باطله. فتجحد ذلك الحقّ ، مخافة أن يكون له عليك به حجّة ، لأنّك لا تدري كيف المخلص منه. فذلك حرام على شيعتنا ، أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين. أمّا المبطلون ، فيجعلون ضعف الضّعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجّة له على باطله. وأمّا الضّعفاء ، فتغتمّ قلوبهم لما يرون من ضعف المحقّ (٤) في يد المبطل.
وأمّا الجدال بالّتي هي أحسن ، فهو ما أمر الله ـ تعالى ـ به نبيّه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له. فقال الله حاكيا عنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ، قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (٥). فقال الله في الرّدّ عليه (٦) : (قُلْ) يا محمّد (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٧).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة ، وستقف إن شاء الله على تتمّة لهذا الكلام في العنكبوت عند قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ) (الآية).
روي (٨) عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيّا.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (١٢٥) ، أي : إنّما عليك البلاغ والدّعوة ، وأمّا حصول الهداية والضّلالة والمجازة عليهما فلا إليك ، بل الله أعلم بالضّالّين والمهتدين وهو المجازي لهم.
(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ) ، أي : الصّبر.
(خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (١٢٦) : من الانتقام للمنتقمين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٩) : أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال يوم أحد : من له علم بعمّي حمزة؟
__________________
(١) من المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يجحد.
(٣) أ ، ب : يؤيد.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : الحقّ.
(٥) يونس / ٧٨.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : عليهم.
(٧) يونس / ٧٩.
(٨) الاحتجاج ١ / ٥.
(٩) تفسير القمّي ١ / ١٢٣.