قال : فلمّا سمعوا ذلك من جبرئيل ، أقبلوا عليّ بالسّلام ، وأكرموني ، وبشّروني بالخير لي ولأمّتي.
قال : ثمّ صعد بي إلى السّماء الثّانية ، فإذا فيها رجلان متشابهان ، فقلت : من هذان يا جبرئيل؟
فقال لي : ابنا الخالة ، عيسى (١) ويحيى.
فسلّمت عليهما وسلّما عليّ ، واستغفرت لهما واستغفر لي ، وقالا : مرحبا بالأخ الصّالح والنّبيّ الصّالح. وإذا فيها من الملائكة [مثل ما في السّماء الأولى] (٢) وعليهم الخشوع ، وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ، ليس منهم ملك إلّا يسبّح الله ويحمّده بأصوات مختلفة.
ثمّ صعدنا إلى السّماء الثّالثة ، فإذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر النّجوم ، فقلت : من هذا ، يا جبرئيل؟
فقال : هذا أخوك ، يوسف.
فسلّمت عليه وسلّم عليّ ، واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح والمبعوث في الزّمان (٣) الصّالح. فإذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السّماء الأولى والثّانية ، وقال لهم جبرئيل في أمري ما قال للآخرين ، وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون.
ثمّ صعدنا إلى السّماء الرّابعة وإذا فيها رجل ، فقلت : من هذا ، يا جبرئيل؟
فقال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليّا.
فسلّمت عليه وسلّم عليّ ، واستغفرت له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السّماوات فبشّروني بالخير لي ولأمّتي. ثمّ رأيت ملكا جالسا على سرير ، تحت يديه سبعون ألف ملك ، تحت كلّ ملك سبعون ألف ملك ، فوقع في نفس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم. فهو قائم إلى يوم القيامة.
ثمّ صعدنا إلى السّماء الخامسة ، فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا
__________________
(١) المصدر : عيسى بن مريم.
(٢) من المصدر.
(٣) المصدر : الزّمن.