(وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : إلى وقت سمّاه الله وجعله آخر أعماركم.
(قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) : لا فضل لكم علينا ، فلم تخصّون بالنّبوّة دوننا ، ولو شاء الله أن يبعث إلى البشر رسلا لبعث من جنس أفضل.
(تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) : بهذه الدّعوة.
(فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (١٠) : يدلّ على فضلكم واستحقاقكم لهذه المزيّة. أو على صحّة ادّعائكم النّبوّة ، كأنّهم لم يعتبروا ما جاؤوا به من البيّنات والحجج ، واقترحوا عليهم آية أخرى تعنّتا ولجاجا.
(قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : سلّموا مشاركتهم في الجنس ، وجعلوا الموجب لاختصاصهم بالنّبوّة فضل الله ومنّه عليهم بخصائص فيهم ليست في أبناء جنسهم.
(وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، أي : ليس إلينا الإتيان بالآيات ولا تستبدّ به استطاعتنا حتّى نأتي بما اقترحتموه ، وإنّما هو أمر يتعلّق بمشيئة الله فيخصّ كلّ نبيّ بنوع من الآيات.
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١) : فلنتوكّل عليه في الصّبر على معاندتكم [ومعاداتكم] (١).
عمّموا الأمر للإشعار بما يوجب التّوكّل عليه (٢) ، وهو الإيمان ، وقصدوا به أنفسهم قصدا أوّليّا. ألا ترى قوله : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) ، أي : أيّ عذر لنا في أن لا نتوكّل عليه (وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) : الّتي بها نعرفه ، ونعلم أنّ الأمور كلّها بيده.
(وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) : جواب قسم محذوف ، أكّدوا به توكّلهم وعدم مبالاتهم بما يجري من الكفّار عليهم.
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (١٢) : فليثبت المتوكّلون على ما استحدثوه
__________________
المظالم فلم يبق عليهم سوى ما يتعلّق بحقّ الله ـ تعالى ـ فإذا تابوا يغفر الله جميع ذنوبهم ، وأمّا الإيمان فلا يحصل منه الخروج من المظالم ، فيغفر ما سواها ، ولذا دخل «من» على مغفرة ذنوبهم ليدلّ على التبعيض.
(١) من أنوار التنزيل ١ / ٥٢٧.
(٢) أي : عممّوا الحكم بأنّ على جميع المؤمنين التوكّل على الله لكنّ المقصود بالذّات الرسل ، فكأنّما قالوا : إنّ عليهم التوكّل.