(أَمَرْنا مُتْرَفِيها) : متنعّميها بالطّاعة على لسان (١) رسول بعثناه إليهم. ويدلّ على ذلك ما قبله وما بعده ، فإنّ الفسق هو الخروج عن الطّاعة والتّمرّد في العصيان ، فيدلّ على الطّاعة من طريق المقابلة.
وقيل (٢) : أمرناهم بالفسق ، لقوله : (فَفَسَقُوا فِيها) ، كقولك : أمرته فقرأ. فإنّه لا يفهم منه إلّا الأمر بالقراءة ، على أنّ الأمر مجاز من الحمل عليه أو التّسبّب له ، بأن صبّ عليهم من النّعم ما أبطرهم وأفضى بهم إلى الفسوق. ويحتمل أن لا يكون له مفعول منويّ ، كقولهم : أمرته فعصاني.
وقيل (٣) : معناه : كثّرنا ، يقال : أمّرت الشّيء فأمّر : إذا كثّرته. وفي الحديث : «خير المال سكّة مأبورة ومهرة مأمورة» (٤) ، أي : كثيرة النّتاج. وهو ـ أيضا ـ مجاز من معنى الطّلب ، ويؤيّده قراءة يعقوب : «آمرنا مترفيها» ، ورواية «أمّرنا» عن أبي عمرو.
ويحتمل أن يكون منقولا من «أمر» بالضّمّ أمارة ، أي : جعلناهم أمراء.
وتخصيص المترفين ، لأنّ غيرهم يتبعهم ولأنّهم أسرع إلى الحماقة وأقدر على الفجور.
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن حمران ، عن أبي جعفر في قول الله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) قال : تفسيرها : أمرنا أكابرها.
عن حمران (٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) مشدّدة ميمه (٧) ، تفسيرها ، كثّرنا. وقال : لا قرأتها (٨) مخفّفة.
وفي مجمع البيان (٩) : وقرأ يعقوب : «آمرنا» بالمدّ على وزن «عامرنا» ، وهو قراءة عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. وقرأ : «أمّرنا» (١٠) ـ نافع بتشديد الميم ـ محمّد بن عليّ
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٨٠.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) قوله : «سكّة مأبورة ومهرة مأمورة». قال في الصّحاح : «السّكّة» الطّريقة المصطفّة من النّخل ، و «المأبورة» الملقّحة. و «المهرة» الأنثى من ولد الفرس. قال : ومعنى هذا الكلام : خير المال نتاج أو زرع.
(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٨٤ ، ح ٣٥.
(٦) نفس المصدر ، ح ٣٤.
(٧) كذا في تفسير الصّافي ٣ / ١٨٢. وفي النسخ : مضمومة. وفي المصدر : منصوبة.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : لأقرأنها.
(٩) المجمع ٣ / ٤٠٥.
(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : وقرأ نافع.