وقيل (١) : اسم الفعل الّذي هو «أتضجّر» وهو مبنيّ على الكسر لالتقاء السّاكنين ، وتنوينه في قراءة نافع وحفص للتّنكير.
وقرأ (٢) ابن كثير وابن عامر ويعقوب ، بالفتح ، على التّخفيف (٣).
وقرئ (٤) به منوّنا وبالضّمّ للإتباع ، كمنذ منوّنا وغير منوّن.
والنّهي عن ذلك يدلّ على المنع من سائر أنواع الإيذاء ، قياسا بطريق الأولى.
وقيل (٥) : عرفا ، كقولك : فلان لا يملك النّقير والقطمير. ولذلك منع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حذيفة من قتل أبيه وهو في صفّ المشركين ، نهى عمّا يؤذيهما بعد الأمر بالإحسان بهما (٦).
(وَلا تَنْهَرْهُما) : ولا تزجرهما عمّا لا يعجبك بإغلاظ.
وقيل (٧) : النّهي والنّهر والنّهم أخوات.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) قال : لو علم أنّ شيئا أقلّ من (أُفٍ) لقاله. (وَلا تَنْهَرْهُما) ، أي : لا تخاصمهما.
(وَقُلْ لَهُما) : بدل التّأفيف والنّهر (قَوْلاً كَرِيماً) (٢٣) : جميلا لا شراسة فيه.
(وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ) : تذلّل لهما وتواضع فيهما. جعل للذّلّ جناحا ، كما جعل لبيد في قوله :
وغداة ريح قد كشفت وقرة (٩) |
|
إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها |
للشّمال يدا ، وللقرة زماما. وأمره بخفضه (١٠) مبالغة. أو أراد جناحه ، كقوله (١١) : و (اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ). وإضافته إلى «الذّلّ» للبيان والمبالغة ، كما أضيف حاتم إلى
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٨٢.
(٣) قوله : «وقرأ ...». ليس المراد بالتّخفيف تخفيف الفاء إذ ليس هو قراءة ابن عامر ، بل المراد أنّ فتح الفاء هو تخفيف الكسرة.
(٤ و ٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) قوله : «وقيل عرفا ...» ، أي : يدلّ عرفا على ما ذكره ، فيكون معناه : ما ذكر ، وهو المنع من سائر الأذى ، كما أنّ قولهم : فلان لا يملك النّقير والقطمير ، معناه : أنّه لا يملك شيئا.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) تفسير القمّي ٢ / ١٨.
(٩) القرة : البرودة.
(١٠) كذا في أنوار التنزيل ١ / ٥٨٢. وفي النسخ : بحفضهما.
(١١) الحجر / ٨٨.