من الطّحن : من كتاب الشّيرازيّ ، أنّها لمّا ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا فاطمة ، والّذي بعثني بالحقّ ، إنّ في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولا ثياب ، ولو لا خشيتي خصلة لأعطيتك يا فاطمة ما سألت ، إنّي لا أريد أن ينفكّ عنك (١) أجرك إلى الجارية ، وإنّي أخاف أن يخصمك عليّ بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي الله ـ عزّ وجلّ ـ إذا طلب حقّه منك.
ثمّ علّمها صلاة التّسبيح ، فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : مضيت تريدين من رسول الله الدّنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة.
قال أبو هريرة (٢) : فلمّا خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من عند فاطمة ، أنزل الله على رسوله (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ، يعني : عن قرابتك وابنتك فاطمة. (ابْتِغاءَ) ، يعني : طلب (رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) ، يعني (٣) رزق من ربّك. (تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ، يعني : قولا حسنا. فلمّا نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إليها جارية للخدمة ، وسمّاها فضّة.
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) : تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذّر (٤) ، نهى عنهما آمرا بالاقتصاد بينهما الّذي هو الكرم.
(فَتَقْعُدَ مَلُوماً) : فتصير ملوما عند الله وعند النّاس بالإسراف وسوء التّدبير.
(مَحْسُوراً) (٢٩) : نادما. أو منقطعا بك (٥) لا شيء عندك ، من حسره السّفر : إذا بلغ منه (٦).
وفي الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ) (الآية)
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «لا ينفكّ» بدل «ينفكّ عنك».
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ بعدها زيادة : طالب.
(٤) قوله : «تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذّر» الظاهر من كلامه أنّ هاهنا استعارتين تمثيليّتين ، فالمشبّه في الأوّل هو بخل الشّخص بما في يده وتصرّفه إلى الغاية والمشبّه به جعل اليد مغلولة إلى العنق ، فاستعمل ما هو موضوع الثّاني في الأوّل وقس عليه التّمثيل الثّاني.
(٥) قوله : «أو منقطعا بك» على صيغة المفعول.
(٦) قوله : «إذا بلغ منه» يقال : بلغ منه المرض : إذا أثّر فيه تأثيرا تامّا.
(٧) الكافي ٤ / ٥٥ ، ح ٦.
(٨) المصدر : يزيد.