فقال له النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ليس ذلك إليّ ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى.
فقال : يا محمّد ، قلبي ما يتابعني على التّوبة ، ولكن أرحل عنك. فدعا براحلته فركبها ، فلمّا صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضّت هامته (١).
ثمّ أتى الوحي إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين بولاية علي ليس له دافع ، من الله ذي المعارج.
قال : قلت : جعلت فداك ، إنّا لا نقرأها هكذا.
فقال : هكذا ، والله ، نزل بها جبرئيل على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهكذا هو ، والله ، مثبت في مصحف فاطمة ـ عليها السّلام ـ.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).
وفي كتاب التّوحيد (٢) ، بإسناده إلى الحسن بن الصّباح قال : حدّثني أنس ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : (كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) من أبى أن يقول : لا إله إلّا الله.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣). في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : العنيد المعرض عن الحقّ.
(مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) : أي : بين يدي هذا الجبّار نار جهنّم ، فانّه مرصد بها واقف على شفيرها (٤) في الدّنيا ، مبعوث إليها في الآخرة.
وقيل (٥) : من وراء حياته ، وحقيقته ما توارى عنك.
(وَيُسْقى مِنْ ماءٍ) : عطف على محذوف ، تقديره : من ورائه جهنّم يلقي فيها [ما يلقى] (٦) ويسقى من ماء.
(صَدِيدٍ) (١٦) : عطف بيان «لماء».
__________________
(١) الجندلة ـ واحدة الجندل ـ : الصّخر العظيم. ورضّ الشيء : دقّه وجرشه والهامة : الرّأس.
(٢) التوحيد / ٢٠ ـ ٢١ ، ح ٩.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٦٨.
(٤) أي : واقف على شفير جهنّم في الدّنيا باعتبار القرب واستعداده لحصوله فيها.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٧.
(٦) من المصدر.