ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ) (الآية).
(كُلُّ ذلِكَ) : إشارة إلى الخصال الخمس والعشرين المذكورة من قوله : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ).
وعن ابن عبّاس (١) : أنّها مكتوبة في ألواح عيسى وموسى (٢).
(كانَ سَيِّئُهُ) ، يعني : المنهيّ عنه ، فإنّ المذكورات مأمورات ومناه.
وقرأ (٣) الحجازيّان والبصريّان : «سيّئة» على أنّه خبر «كان» والاسم ضمير «كلّ» و «ذلك» إشارة إلى ما نهى عن ذلك خاصّة ، وعلى هذا قوله : (عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (٣٨) : بدل من «سيّئة» ، أو صفة لها محمولة على المعنى (٤) ، فإنّه بمعنى : «سيأ» وقد قرئ به.
ويجوز أن ينتصب «مكروها» على الحال من المستكنّ في «كان» ، أو في الظّرف على أنّه صفة «سيّئة» والمراد به : المبغوض المقابل للمرضيّ لا ما يقابل المراد لقيام القاطع ، على أنّ الحوادث كلّها واقعه بإرادته ـ تعالى ـ (٥).
(ذلِكَ) : إشارة إلى الأحكام المقدّمة.
(مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) : الّتي هي معرفة الحقّ لذاته والخير للعمل به.
(وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) :
كرّره للتّنبيه على أنّ التّوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه ، فإنّ من لا قصد له بطل عمله ، ومن قصد بفعله أو تركه غيره ضاع سعيه ، وأنّه رأس الحكمة وملاكها.
ورتّب عليه أوّلا ما هو عائدة الشّرك في الدّنيا (٦) ، وثانيا ما هو نتيجته في العقبى ،
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٨٥.
(٢) ب : ألواح عيسى وموسى.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) أي : «عند ربّك مكروها» صفة محمولة على المعنى وإلّا لوجب بحسب اللّقط أن يقال : مكروهة لأنّه صفة «السّيئة» التي هي المؤنث.
(٥) أي : ليست الكراهة بالمعنى المقابل للإرادة ، كما هو مذهب المعتزلة ، لأنّ كل ما وقع فهو مراد الله ـ تعالى ـ عند أهل الحقّ ، فيجب أن تكون الكراهة بمعنى : المقت والبغض وعدم الرضا ، وحاصله الاعتراض والمؤاخذة بفعله.
(٦) قوله : «رتّب عليه أوّلا ما هو عائدة الشرك في الدنيا» حيث قال في أوّل الآيات : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً).