(إِنَّهُ كانَ حَلِيماً) : حين لم يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وشرككم.
(غَفُوراً) (٤٤) : لمن تاب منكم.
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً) : يحجبهم عن فهم ما تقرأه عليهم.
(مَسْتُوراً) (٤٥) : ذا ستر ، كقوله (١) : «وعده مأتيّا» (٢) ، وقولهم : سيل مفعم. أو مستورا عن الحسّ. أو بحجاب آخر ، لا يفهمون ، ولا يفهمون أنّهم لا يفهمون.
نفى عنهم أن يفهموا ما أنزل عليهم من الآيات ، بعد ما نفى عنهم التفقه للدّلالات المنصوبة في الأنفس والآفاق ، تقريرا له وبيانا لكونهم مطبوعين على الضّلالة ، كما صرّح به بقوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) : تكنّها وتحول دونها عن إدراك الحقّ وقبوله.
(أَنْ يَفْقَهُوهُ) : كراهة أن يفقهوه.
ويجوز أن يكون مفعولا لما دلّ عليه قوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) ، أي : منعناهم أن يفقهوه.
(وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : يمنعهم عن استماعه. ولمّا كان القرآن معجزا من حيث اللّفظ والمعنى ، أثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى وإدراك اللّفظ.
(وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) : واحدا غير مشفوع به آلهتهم. مصدر وقع موقع الحال ، وأصله : يحد وحده ، بمعنى : واحدا وحده.
(وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) (٤٦) : هربا من استماع التّوحيد ونفرة ، أو تولية.
ويجوز أن يكون جمع نافر ، كقاعد وقعود.
وفي كتاب الاحتجاج (٣) للطّبرسيّ ـ رضي الله عنه ـ : عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ـ عليهم السّلام ـ ، عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ يهوديّا من يهود
__________________
(١) مريم / ٦١.
(٢) قوله : ذا ستر كقوله : (وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) إنّما حمل على ذلك ، لأنّ المستور معناه الحقيقيّ : ما يستره شيء ، لكنّ الجواب ليس كذلك ، فمعناه : ذو ستر ، أي : صاحب السّتر ، على معنى أن يتّصف بأن يستر شيئا ، كما في قوله : (وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) فإنّ المأتيّ ما أتاه شيء ، لكن الوعد ليس كذلك بل هو الآتي ، فمعناه : ذو إتيان ، أي : اتّصف به.
(٣) الاحتجاج / ٢١٣.