أحسن» وما بينهما اعتراض ، أي : قولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا تصرّحوا بأنّهم من أهل النّار ، فإنّ ذلك يهيّجهم على الشّرّ ، مع أنّ ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلّا الله.
(وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (٥٤) : موكولا إليك أمرهم حتّى تقسرهم على الإيمان ، وإنّما أرسلناك مبشّرا ونذيرا ، فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : وبأحوالهم ، فيختار منهم لنبوّته وولايته من يشاء. وهو ردّ لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيّا ، وأن يكون العراة والجوّع أصحابه.
(وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) : بالفضائل النّفسانيّة والتبرّي عن العلائق الجسمانيّة لا بكثرة الأموال والأتباع ، حتّى داود فإنّ شرفه بما أوحى إليه من الكتاب لا بما أوتي من الملك.
وقيل (١) : هو إشارة إلى تفضيل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وقوله : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥) : تنبيه على (٢) وجه تفضيله ، وهو أنّه خاتم الأنبياء وأمّته خير الأمم المدلول عليه بما كتب في الزّبور من (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها) (٣) (عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٤).
وتنكيره هاهنا وتعريفه في قوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) لأنّه في الأصل فعول للمفعول ، كالحلوب ، أو المصدر ، كالقبول ، ويؤيّده قراءة حمزة ، بالضّمّ ، فهو كالعبّاس أو الفضل (٥). أو لأنّ المراد : وآتينا داود بعض الزّبور ، أو بعضا من الزّبور فيه ذكر الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وفي كتاب علل الشّرائع (٦) ، بإسناده إلى عبد السّلام (٧) بن صالح : [عن عليّ بن
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٨٨.
(٢) يوجد في النسخ هنا زيادة : أنّ.
(٣) يوجد هاهنا في ب زيادة : من يشاء.
(٤) الأنبياء / ١٠٥.
(٥) قوله : «كالعبّاس أو الفضل» ، أي : يجوز في الزّبور التّعريف والتّنكير ، كما يجوز في العبّاس أو الفضل.
(٦) العلل / ٥ ، ح ١.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : عبد الله.