فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الأخرى؟
فقال : ويحكم ، حكى الله ، والله ، كلامي قرآنا وأنزل عليه (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
ثمّ رفع رأسه إلى السّماء ، ثمّ قال : وعزّتك وجلالك ، لألحقنّ (١) الفريق بالجميع.
قال : فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ).
قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت.
فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الثّالثة؟
قال : والله ، من أصحاب عليّ ، ولكن وعزتك وجلالك ، لأزيننّ لهم المعاصي حتّى أبغضهم إليك.
قال : فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والّذي بعث محمّدا بالحقّ ، للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزّنابير على اللّحم ، والمؤمن أشدّ من الجبل ، والجبل تدنو إليه (٢) بالفأس فتنحت منه والمؤمن لا يستقلّ على دينه.
عن عبد الرّحمن بن سالم (٣) في قول الله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. ونحن نرجو أن تجري لمن أحبّ الله من عباده.
(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) ، أي : هو الّذي يجري.
(لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) : الرّبح وهو (٤) أنواع الأمتعة الّتي لا تكون عندكم.
(إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٦٦) : حيث هيّأ لكم ما تحتاجون إليه ، وسهل عليكم ما تعسّر من أسبابه.
(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) : خوف الغرق.
(ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) : ذهب عن خواطر كم كلّ من تدعونه في حوادثكم.
(إِلَّا إِيَّاهُ) : وحده ، فإنّكم حينئذ لا يخطر ببالكم سواه فلا تدعون لكشفه إلّا
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تخفف.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تواليه.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ٣٠١ ، ح ١١٢.
(٤) ليس في المصدر.