وأغنيناه عنكم ، كما عرّضناكم له ، لكن سدّدوننا طريق الخلاص.
(سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) : مستويان علينا الجزع والصّبر.
(ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (٢١) : منجى ومهرب من العذاب. من الحيص ، وهو العدول على جهة الفرار.
وهو يحتمل أن يكون مكانا ، كالمبيت. أو مصدرا ، كالمغيب.
(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) قيل (١) : احكم وفرغ منه ، وادخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار ، خطيبا في الأشقياء من الثّقلين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : أي : لمّا فرغ من أمر الدّنيا من أوليائه.
وفيه ، وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن حريز ، عمّن ذكره ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : كلّما في القرآن (وَقالَ الشَّيْطانُ) يريد به : الثّاني.
(إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ) : وعدا من حقّه أن ينجز. أو وعدا أنجزه ، وهو وعد البعث والجزاء ، فوفى لكم بما وعدكم (٤).
(وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) : جعل تبيين خلف وعده ، كالإخلاف منه.
(وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) : تسلّط ، فالجئكم إلى الكفر والمعاصي.
(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) : إلّا دعائي إياكم إليهما (٥) بتسويلي ووسوستي. وهو ليس من جنس السّلطان ، ولكنّه على طريقة قولهم :
تحيّة بينهم ضرب وجيع (٦)
ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا.
(فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) : أسرعتم إجابتي.
(فَلا تَلُومُونِي) : بوسوستي ، فإنّ من صرّح العداوة (٧) لا يلام بأمثال ذلك.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٩.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٦٨.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢٢٣ ، ح ٨. ولم نعثر عليه في تفسير القمّي.
(٤) فالأوّل باعتبار استحقاقه للإنجاز والثاني باتّصافه بالإنجاز بالفعل.
(٥) أي : الكفر والمعاصي.
(٦) فتكون الدعوة سلطنة تقديرا ، كما يقدّر الضرب تحيّة.
(٧) أ ، ب : بالعداوة.