فقال : نعم ، حمل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا ـ عليه السّلام ـ يريد به أن يعلم قومه أنه هو الّذي يخفّف عن ظهره ما عليه من الديون (١) والعدات (٢) والأداء عنه ما حمل من بعده.
فقلت : يا ابن رسول الله ، زدني.
فقال : حمله ليعلم بذلك أنّه ما حمله (٣) إلّا لأنّه معصوم لا يحمل وزرا ، فتكون أفعاله عند النّاس حكمة وصوابا.
وقد قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ : يا عليّ ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ حمّلني ذنوب شيعتك ثمّ غفرها [لي] (٤) ، وذلك قوله (٥) ـ تعالى ـ : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ).
ولمّا أنزل الله (٦) ـ تبارك وتعالى ـ : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ). قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وعليّ نفسي وأخي ، فإنّه مطهّر معصوم ولا يضلّ ولا يشقي. ثمّ تلا هذه الآية (٧) : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
ولو أخبرتك بما في حمل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ من المعاني الّتي أرادها به لقلت : إنّ جعفر بن محمّد مجنون! فحسبك من ذلك ما قد سمعت.
قال : فقمت إليه وقبّلت رأسه ويديه ، وقلت : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) : ما هو في تقويم دينهم واستصلاح نفوسهم ، كالدّواء الشّافي للمرضى.
و «من» للبيان ، فإنّه كلّه كذلك.
وقيل (٨) : إنّه للتّبعيض ، والمعنى : أنّ منه ما يشفي من المرض ، كالفاتحة وآيات الشّفاء.
وقرأ (٩) البصريّان : «وننزل» بالتّخفيف.
__________________
(١) كذا في ب وفي غيرها والمصدر : الدّين.
(٢) المصدر : العداة.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : حمل.
(٤) من المصدر.
(٥) الفتح / ٢.
(٦) المائدة / ١٠٤.
(٧) النّور / ٥٣.
(٨ و ٩) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٥.