منكم.
وفي كتاب التّوحيد (١) ، بإسناده إلى حنان بن سدير : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : ووصف الّذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً). فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.
(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) «الّلام» الأولى موطّئة للقسم «ولنذهبنّ» جوابه النّائب مناب جزاء الشّرط ، والمعنى : إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصّدور.
(ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) (٨٦) : من يتوكّل علينا استرداده مسطورا محفوظا.
(إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) : [فإنّها إن نالتك فلعلّها تستردّه عليك.
ويجوز أن يكون استثناء منقطعا ، بمعنى : ولكن رحمة من ربّك] (٢) تركته غير مذهوب به ، فيكون امتنانا بإبقائه بعد المنّة في تنزيله.
(إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) (٨٧) : كإرساله ، وإنزال الكتاب عليك ، وإبقائه في حفظه.
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) : في البلاغة وحسن النّظم وكمال المعنى.
(لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) : وفيهم العرب العرباء ، وأرباب اللّسان ، وأهل التّحقيق.
وهو جواب قسم محذوف دلّ عليه الّلام الموطّئة ، ولو لا هي لكان جواب الشّرط بلا جزم لكون الشّرط ماضيا ، كقول زهير :
وإن أتاه خليل يوم مسغبة |
|
يقول لا غائب مالي ولا حرم |
(وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٨٨) : ولو تظاهروا على الإتيان به.
ولعلّه لم يذكر الملائكة ، لأنّ إتيانهم بمثله لا يخرجه عن كونه معجزا ، ولأنّهم كانوا وسائط في إتيانه.
__________________
(١) التوحيد / ٣٢١ ، ح ١.
(٢) ليس في ج.