قال : [بلى] (١) مرارا كثيرة ، إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان قاعدا ذات يوم بمكّة بفناء الكعبة ، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم : الوليد بن المغيرة المخزوميّ ، وأبو البختريّ بن هشام ، وأبو جهل (٢) ، والعاص بن وائل (٣) السّهمي ، وعبد الله بن [أبي] (٤) أميّة المخزوميّ ، وكان معهم جمع ممّن يليهم كثير (٥) ، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله ، ويؤدّي إليهم عن الله أمره ونهيه.
فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحل (٦) أمر محمّد وعظم خطبه ، فتعالوا (٧) نبدأ بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والاحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره [عندهم] (٨) ، فلعلّه ينزع عمّا هو فيه من غيّه (٩) وباطله وتمرّده وطغيانه ، فإن انتهى وإلّا عاملناه بالسّيف الباتر.
قال أبو جهل : فمن ذا الّذي يلي كلامه ومجادلته؟
قال عبد الله بن [أبي] (١٠) أميّة المخزوميّ : أنا [إلى ذلك. أفما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيّا؟
قال أبو جهل : بلى. فأتوه بأجمعهم.
فابتدأ عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ] (١١) فقال : يا محمّد ، لقد ادّعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا ، زعمت أنّك رسول ربّ العالمين [وما ينبغي لربّ العالمين] (١٢) وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل (١٣) ، كما نأكل [وتشرب كما نشرب] (١٤) ، وتمشي (١٥) في الأسواق ، كما نمشي. فهذا ملك الرّوم وهذا ملك الفرس (١٦) لا يبعثان رسولا إلّا كثير المال عظيم الحال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدّام ،
__________________
(١) من المصدر.
(٢) كذا في المصدر. ويوجد في النسخ زيادة : وهشام.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : وابل
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : كثيرة.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : استعلا.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : فقالوا.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي أ ، ب ، ر : عبد. وفي غيرها : عيّة.
(١٠ و ١١) من المصدر.
(١٢) ليس في أ ، ب ، ر.
(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يأكل.
(١٤) من المصدر. (١٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : يمشي.
(١٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : الفارس.