العارفين بالتّقصير عن معرفة (١) شكره ، فجعل معرفتهم بالتّقصير شكرا ، كما علم علم العالمين أنّهم لا يدركونه فجعله إيمانا ، علما منه أنّه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك ، فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته ، وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف؟! تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وفي تهذيب الأحكام (٢) : سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي إسماعيل القمّاط ، عن بشّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من كان معسرا ، فلم يتهيّأ له حجّة الإسلام ، فليأت قبر أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فليعرّف (٣) عنده ، فذلك يجزئه عن حجّة الإسلام. [أما إنّي لا أقول يجزئ ذلك عن حجّة الإسلام] (٤) إلّا المعسر ، فأمّا الموسر إذا كان قد حجّ حجّة الإسلام ، فأراد أن يتنفّل بالحجّ والعمرة فمنعه من ذلك شغل دنياه أو عائق فأتى الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ في يوم عرفة ، أجزأه ذلك عن أداء حجّته وعمرته ، وضاعف الله له بذلك أضعافا مضاعفة.
قلت : كم تعدل حجّة ، وكم تعدل عمرة؟
قال : لا يحصى ذلك.
قلت : مائة؟
قال : ومن يحصي ذلك؟
قلت : ألف؟
قال : وأكثر.
ثمّ قال : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها).
(إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ) : يظلم النّعمة بإغفال شكرها. أو بظلم نفسه ، بأن يعرّضها للحرمان.
(كَفَّارٌ) (٣٤) : شديد الكفران.
وقيل (٥) : ظلوم في الشّدّة يشكو ويجزع ، كفّار في النّعمة يجمع ويمنع.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ) : بلد مكّة.
__________________
(١) ليس في أ ، ر.
(٢) التهذيب ٦ / ٥٠ ، ح ١١٤.
(٣) من عرّف الحجّاج : إذا وقفوا بعرفات.
(٤) ليس في ب.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٢.