أنبيائه وأوليائه ، بقوله (١) لإبراهيم : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، أي : المشركين. لأنّه سمّى الشّرك ظلما بقوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). فلمّا علم إبراهيم ـ عليه السّلام ـ أنّ عهد الله ـ تبارك وتعالى ـ بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ).
وما يتراءى من الحديث الأوّل «من أنّ بني إسماعيل كفرت بقولهم : هؤلاء شفعاؤنا. من المنافاة لما هو مشهور ، والمجمع عليه من أنّ آباء الأنبياء كانوا مؤمنين» فمدفوع بأنّ قول بني إسماعيل ذلك لا يستلزم أن يكون كلّ أحد منهم قائلا ، وهو محمول على أنّ القائل غير أب النّبيّ ، فلا منافاة.
وفي أمالي شيخ الطّائفة ـ قدّس سرّه (٢) ـ بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنا دعوة أبي إبراهيم.
قلنا : يا رسول الله ، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟
قال : أوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى إبراهيم : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فاستخفّ إبراهيم الفرح.
فقال : يا ربّ ، (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أئمّة مثلي؟
فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ : أن يا إبراهيم ، إنّي لا أعطيك عهدا لا أوفي لك به.
قال : يا ربّ ، ما العهد الّذي لا تفي لي به؟
قال : لا أعطيك لظالم من ذرّيّتك.
قال : يا ربّ ، ومن الظّالم من ولدي الّذي لا ينال عهدك؟
قال : من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا ، ولا يصحّ أن يكون إماما.
قال إبراهيم : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ).
قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فانتهت الدّعوة إليّ وإلى أخي ، لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ ، فاتّخذني الله نبيّا وعليّا وصيّا.
(رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) : صرن سببا لإضلالهم ، كقوله : (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا).
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : يقول.
(٢) أمالي الشيخ ١ / ٣٨٨.