إلى أمد من الزّمان قريب. أو أخّر آجالنا ، وأبقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك.
(نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) : جواب للأمر ، ونظيره (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).
في روضة الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الصّباح بن عبد الحميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : والله ، للّذي صنعه الحسن بن علي ـ عليهما السّلام ـ كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشّمس. والله ، لقد نزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا (٢) القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين ـ عليه السّلام ـ (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) (نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم ـ عليه السّلام ـ.
(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) (٤٤) : على إرادة القول.
و «ما لكم» جواب القسم جاء بلفظ الخطاب على المطابقة دون الحكاية (٣).
والمعنى : أقسمتم أنّكم باقون في الدّنيا لا تزالون بالموت. ولعلّهم أقسموا بطرا وغرورا (٤) ، أو دلّ عليه حالهم حيث بنوا شديدا وأمّلوا بعيدا.
وقيل (٥) : أقسموا أنّهم لا ينتقلون إلى دار أخرى ، كقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : أي : لا تهلكون.
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) : بالكفر والمعاصي ، كعاد.
وأصل «سكن» أن يعدّى بفي ، كقرّ في الدّار ، وغنى فيها ، وأقام فيها. وقد
__________________
(١) الكافي ٨ / ٣٣٠ ، ح ٥٠٦.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : طلبه.
(٣) أي : فالتّعبير بالخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) ليس على الحكاية عن قولهم ، إذ عبارتهم ليست على طريق الخطاب بل على طريق التكلّم ، بل الخطاب بناء على مطابقته مع «أقسمتم».
(٤) أي : ليس قسمهم بناء على اعتقادهم أنّهم لا يموتون ، لأنّ هذا الاعتقاد خلاف صريح العقل وشهادة الأموات ، وإنّما قالوا ذلك باللّسان تكبّرا وغرورا ، والمراد : أنّهم فعلوا ما يدلّ على أنّهم لا يموتون فنزّل حالهم منزلة القسم.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٤.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٧٢.