(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) ، مثل قوله : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي).
وأصله : مخلف رسله وعده. فقدّم المفعول الثّاني إيذانا بأنّه لا يخلف الوعد أصلا ، كقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ). وإذا لم يخلف وعده أحدا ، كيف يخلف رسله؟
(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) : غالب لا يماكر ، قادر لا يدافع.
(ذُو انتِقامٍ) (٤٧) : لأوليائه من أعدائه.
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) : بدل من (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ). أو ظرف «للانتقام» أو مقدّر «باذكر» ، أو لا يخلف وعده.
ولا يجوز أن ينتصب «مخلف» لأنّ ما قبل «إنّ» لا يعمل فيما بعده.
والسموات : عطف على «الأرض» ، وتقديره ، والسّموات غير السّموات.
والتّبديل يكون في الذّات ، كقولك : بدّلت الدّراهم بالدّنانير. وعليه قوله : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها). وفي الصّفة (١) ، كقولك : بدّلت الحلقة خاتما : إذا أذبتها وغيّرت شكلها. وعليه قوله : (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ).
ومن طريق العامّة (٢) : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ : تبدّل أرضا من فضّة ، وسموات من ذهب.
وفي كتاب الاحتجاج (٣) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : وعن ثوبان قال : إنّ يهوديّا جاء إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا محمّد ، أسألك فتخبرني.
فركضه (٤) ثوبان برجله ، وقال : قل : يا رسول الله.
فقال : لا أدعوه إلّا بما سمّاه أهله.
فقال : أرأيت قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) أين النّاس يومئذ؟
قال : في الظّلمة (٥) دون المحشر.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
__________________
(١) أي : والتبديل يكون في الصّفة.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٥.
(٣) الاحتجاج ١ / ٥٠.
(٤) ركضه : ضربه.
(٥) أ ، ب : الظلّة.