بيته الحرام رمزا عن زيارته ، لذلك :
(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ..)
فالرفث هو القبيح ككلّ في الأعراف الإنسانية ، او في الشرعة الإلهية لمكان نفي الجنس المستغرق لكل رفث ، ولا يختص هنا بالرفث الجنسي الأنثوي أمّا شابه ، مهما كان من أظهر أنواعه ، حيث الرفث هنا غير مختص بالنساء ، خلاف آية الصيام : «الرفث الى نساءكم» او مع نساءكم او بهن ، ثم وهو هنا في نطاق نفي الجنس المستغرق لكل مصاديقه صغيرا او كبيرا ، خلقيا او عمليا ، جنسيا او في العشرة اما ذا من قبيح جارحيا او جانحيا ، فرديا او جماعيا ، فحالة الإحرام هي حالة تحريم كل قبيح عليك ، سواء في الأعراف العادية كالرفث الجنسي بمقدماته ومستلزماته ، من حلاله وحرامه ، حيث الإحرام سياج صارم على الشهوات حتى المحللة منها ، تدريبا أريبا أديبا للتقوى والتزوّد منها.
كذلك وبأحرى الرفث القبيح شرعيا ، تعنيه (وَلا فُسُوقَ) بعد عنايته من «لا رفث» ، ثم والقبيح في الحقلين او أحدهما ، وقد تعنيه (وَلا جِدالَ) بعد عنايته من «لا رفث» ، فكل جدال إلّا ما استثني فسوق ، وكل فسوق رفث ، والرفث يحلق على الكل حيث يعم القبائح كلها ، عرفيا او شرعيا او كليهما.
فكل انحيازه نفسية ، وكل إنية وأنانية ، وكل اتجاه الى ما سوى الله جانحيا وجارحيا ، عمليا وعقيديا وخلقيا وعمليا ، كل ذلك «رفث» في الحج ، وهو زيارة بيت الله ، تمثيلا لزيارة الله ، في ساحة حضرة الربوبية التي لا تناسبها إلّا حضرته ، إذا فاترك كل ما سوى الله في ساحة الله ، ولا تتعلق إلّا بالله ، ولا تتملق إلّا من الله ، ولا تتجه إلّا الى الله ، وكما لبّيت لله ، تأشيرا عشيرا أنك لا تلبي أحدا إلّا الله ، إذا فليست المحرمات الظاهرية ـ فقط ـ ممنوعة حالة الإحرام ، بل وبأحرى الباطنية ، فكل انجذابة نفسية ـ مهما كانت محلّلة في