الأصيل في هذا البين هنا وهناك «تقوى الله» المتمثلة في مختلف الزاد الذي تتزوده ، إذا ف:
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) ١٩٨.
ترى ما هو الفضل هنا الذي لا جناح في ابتغاءه؟ أهو الفضل الروحي زلفى من الله بتقوى الله؟ (١) ولا يناسبه «لا جناح» فانه الأمر الذي فيه مظنة الجناح ، إذا فهو المكاسب المادية عملا وتجارة أما شابه ، من الأشغال التي قد يظن أنّ فيها جناحا في مملكة الحج وحالة الإحرام والحج ، فهنا «لا جناح» تحل محلّها من حلّ المكاسب المادية دون عطلة ولا بطلة بحجة أنك في زيارة الله ، فإن الكاسب مكاسب الحل من فضل الله هو حبيب الله ، فكسبه عمل قربى لله كما حجه بإحرامه ، هذا وقد سمح في ابتغاء فضل الله تجارة أماهيه بعد قضاء الجمعة : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) وهنا في الحج سمح فيه خلال المناسك اللهم إلّا فيما لا يصح كما في فريضة الجمعة ، تدليلا على سماح الجمع بين العبودية والتجارة ، فان تجارة المؤمن عبادة كما عبادته تجارة أخروية.
فكل المحاولات الإيمانية من المؤمن عبادة تجارة كانت ام صلاة او جهادا آخر في سبيل الله ، كما ان المحاولات الكافرة او المنافقة الفاسقة معصية مهما كانت حجا وصلاة وصياما او محاولات أخرى في سبيل غير الله.
ولقد كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا ان يتجروا
__________________
(١) في المجمع وقيل : لا جناح عليكم ان تطلبوا المغفرة من ربكم رواه جابر عن أبي جعفر (عليهما السّلام)!.